قال الطوسي –رحمه الله-: لو كانتْ للذنوبِ ريحٌ ما قدرتُمْ أن تدنوا منَّي من نتنِ ريحي.
قال دواد الطَّائي: تركتنا الذنوب وإنَّا لنستحي كثيراً من مجالسةِ النَّاسِ.
(32)
قال الفضيل –رحمه الله-: تريد الجنَّةَ مع النبيين والصديقين وتريد أن تقف الموقف مع نوح وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام بأي عمل وأي شهوة تركها لله عز وجل وأي قريب باعدته في الله وأي بعيد قربته في الله .. وقال .. لا يترك الشيطان الانسان حتى يحتال له بكل وجه فيستخرج منه ما يخبر به من عمله لعله يكون كثير الطواف فيقول ما كان أجلى الطواف الليلة او يكون صائما فيقول ما أثقل السحور أو ما أشد العطش فان استطعت أن لا تكون محدثا ولا متكلما ولا قارئا إن كنت بليغا قالوا ما أبلغه وأحسن حديثه وأحسن صوته فيعجبك ذلك فتنتفخ وإن لم تكن بليغا ولا حسن الصوت قالوا ليس يحسن يحدث وليس صوته بحسن أحزنك وشق عليك فتكون مرائيا وإذا جلست فتكلمت ولم تبال من ذمك ومن مدحك من الله فتكلم.
(33)
جاءَ في "حليةِ الأولياء": لما استخلف المهدي بعث إلى سفيان فلما دخل خلع خاتمه فرمى به إليه فقال يا أبا عَبْد الله هذا خاتمي! فاعمل في هذه الامة بالكتاب والسنة فأخذ الخاتم بيده! وقال تأذن في الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال عبيد قلت لعطاء يا أبا مخلد قال له يا أمير المؤمنين قال نعم. قال أتكلم على أني آمن قال نعم قال لا تبعث الي حتى آتيك ولا تعطني شيئا حتى أسألك قال: وغضب من ذلك وهم به فقال له كاتبه: أليس قد أمنته يا أمير المؤمنين قال بلى فلما خرج حف به أصحابه فقالوا ما منعك اأبا عَبْد الله وقد أمرك أن تعمل في هذه الأمة بالكتاب والسنة قال فاستصغر عقولهم ثم خرج هاربا الى البصرة.
عُلُوُّ الهمَّةِ في العِلْمِ ونشرهِ
(34)
قال الله تعال شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
قال ابن القيم –رحمه الله- مختصَراً: استشهد سبحانه بأولى العلم على اجل مشهود عليه وهو توحيده فقال شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط وهذا يدل على فضل العلم واهله من وجوه:
احدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته.
والرابع: أن في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم فان الله لا يستشهد من خلقه الا العدول
الخامس: انه وصفهم بكونهم أولى العلم وهذا يدل على اختصاصهم به وأنهم اهله واصحابه ليس بمستعار لهم.
السادس: انه سبحانه استشهد بنفسه وهو اجل شاهد ثم بخيار خلقه وهم ملائكته والعلماء من عباده ويكفيهم بهذا فضلا وشرفا.
السابع: انه استشهد بهم على اجل مشهود به وأعظمه وأكبره وهو شهادة أن لا إله إلا الله والعظيم القدر انما يستشهد على الأمر العظيم أكابر الخلق وساداتهم
الثامن: انه سبحانه جعل شهادتهم حجة على المنكرين فهم بمنزلة آدلته وآياته وبراهنيه الدالة على توحيده.
التاسع: انه سبحانه أفرد الفعل المتضمن لهذه الشهادة لصادرة منه ومن ملائكته ومنهم ولم يعطف شهادتهم بفعل آخر غير شهادته وهذا يدل على شدة ارتباط شهادتهم بشهادته.
العاشر: انه سبحانه جعلهم مؤدين لحقه عند عباده بهذه الشهادة فإذا أدوها فقد أدوا الحق المشهود به فثبت الحق المشهود به فوجب على الخلق الإقرار به وكان ذلك غاية سعادتهم في معاشهم ومعادهم وكل من ناله الهدى بشهادتهم واقر بهذا الحق بسبب شهادتهم فلهم من الأجر مثل أجره وهذا فضل عظيم لا يدرى قدره الا الله وكذلك كل من شهد بها عن شهادتهم فلهم من الأجر مثل أجره ايضا.
(فهذه عشرة اوجه في هذه الاية على فضل العلم والعلماء)
(35)
كان المنصور في شبيبته يطلب العلم من مظانه والحديث والفقه فنال جانبا جيدا وطرفا صالحا، وقد قيل له يوما: يا أمير المؤمنين هل بقي شئ من اللذات لم تنله؟ قال: شئ واحد، قالوا: وما هو؟ قال: قول المحدث للشيخ من ذكرت رحمك الله.
فاجتمع وزراؤه وكتابه وجلسوا حوله وقالوا: ليمل علينا أمير المؤمنين شيئا من الحديث، فقال: لستم بهم، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، رواد الآفاق وقطاع المسافات، تارة بالعراق وتارة بالحجاز، وتارة بالشام، وتارة باليمن.
فهؤلاء نقلة الحديث.
(36)
¥