تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأثناء تحضيري لرسالة الدكتوراه في قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1407 هـ مَرّ بي هذا الحديث عن ابن عمر، وصادفتني رسالته للماجستير ((بين الإمامين)) وطالعت فيه ما بحثه حول هذا الحديث المعلول ونتائجه التي توصّل إليها قصد وقوفي على أمور قد تساعدني على معرفة الأمر الذي الواقع الذي من أجله أعله جكع من النقاد.

فإذا هو يتجرأ على مخافة الأئمة، وتخطئتهم فيه، دون أن يكون بيده دليل ترد به آراؤهم رداً موضوعياً ومنهجياً بل جُل ما لديه من الأدلة على النحو التالي:

إنه لم يقف على الأمور الغامضة التي من أجلها أعلوه.

وإن الإمام مسلماً أورد في صحيحة هذا الحديث.

وإن ظاهر الإسناد سليم.

واستوقفني أسلوبه في الدراسة، وسطحيته في النظر، فدفعني لتتبع الموضوع بدقة، فتبين لي جلياً ـ بفضل الله تعالى ـ أن الأئمة إنما أعلوه لوجود علة في إسناده، وتتسم هي بغاية من الدقة، ثم سجلتُ ذلك في وُريقات على أسلوب علمي وبتواضع، إذ أنني لم أصرح فيها بتخطئته بشكل يثير الإنفعال، ثم بعثتها له قبل أن يطلع عليه أحد من أساتذتي وزملائي سوى زميلي وأخي الشيخ سيف الرحمن مصطفى ـ رحمه الله تعالى وأدخله في فسيح جنانه ـ.

وأوضحت فيها أن الأستاذ لم يكن لديه أي دليل يبرر مخالفته للأئمة النقدة في تصحيح ذلك الحديث الذي أعله النقاد، أضف إلى ذلك أن ذكر الإمام مسلم لم يكن فيه دليل قطعي على صحة الحديث عنده، ذلك أنه رسم في صحيحه منهجاً علمياً رائعاً كما بينه مفصلاً في مقدمته، من ترتيب الأحاديث حسب القوة والسلامة ومن شرح العلل في بعض المواضع منه حسب المناسبة، وقد ذكر مسلم حديث ابن عمر في آخر الباب بعد أن اعتمد على حديث أبي هريرة في فضل الصلاة في المسجد النبوي بتقديمه من مقدمة الباب، و الذي لم يختلف في صحته أحد من النقاد.

فمنهج الإمام مسلم في صحيحه كافٍ لفهم مدى إدراكه العلة التي تكمن في حديث ابن عمر، كما أدركها الجهابذة في مختلف العصور، لأن هذا الترتيب يدل على أن حديث ابن عمر دون حديث أبي هريرة في السلامة والقوة عند الإمام مسلم، وأنه بيان ما فيه من علة بذكر وجوه الاختلاف فيه.

إلا أن الأستاذ لم يرض ذلك مني، بل تسبب لانفجار غضبه وغيضه وإشعال نار الثورة في أعصابه، فواجهني بأساليب لا تليق إلا بمن أخذته العزة بالإثم فتطور الحوار، فجائت رسالته ((منهج الإمام مسلم في ترتيب كتابه الصحيح ودحض شبهات حوله)) رداً ثانياً منفعلاً سارع إلى طبعه ونشره لغرض أراده، فالله يحاسبه عليه ويجازيه حسب نيته.

يؤسفني أن أقول إن الأستاذ لم يكن موضوعياً، ولا متبعا ً منهجاً علمياً واضحاً متأثراً من بداية الرسالة إلى آخرها، فقد ظهر من خلالها رجلاً غاضباً متأثراً بغيظه بحيث لا يشعر بخطورة ما يتناثر من قلمه من تلفيق بين نصوصي وتأويلها بما يحلو له من المعاني الغربية التي لم أقصدها وتقوّله على بما لم أقله، يقذفني بوابل من التهم الخطيرة التي أنا برئ منها جميعها ويصب علىَّ جام غضبه.

وعجباً لأستاذ مشارك ورئيس شعبة السنة بالدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لا يكون موضوعياً في نقده، وقد وقف القارئ فيما سبق على نوعية أسلوبه في مواجهة نقده لأئمة من أسلافنا البررة، والمحرمين لدى الأئمة فكيف يكون أسلوبه حين يواجه طالباً وافداً يدرس في ((عقر داره)) ونبه على خطئه العلمي الفادح!.

ولقد حاول الأستاذ في رسالته ((منهج الإمام مسلم)) أن يهيئ لنفسه جواً ملائماً لانكار أمر واقع صرح به الإمام في مقدمته للصحيح، وطبقه في تضاعيف كتابه بصورة واضحة، من ترتيب الأحاديث حسب القوة والسلامة ومن بيان العلل وشرحها في بعض المواضع من الكتاب حسب المناسبة تبعاً كما هي العادة عند كثير من الأئمة المحدثين في مصنفاتهم، ثم أقره الأئمة ممن شرحوا له وغيرهم.

فقد أورد الأستاذ فيها عشرين مثالاً من أحاديث صحيح مسلم التي تربوا على العشرة آلاف حديث، ودرسها دراسة سطحية على عجل، بعيداً عن منهج المحدثين وقواعدهم، مكتفياً من النظر قي أحوال رواة الحديث بما في ((التقريب))، فأوقع نفسه في عديد من الأخطاء والأوهام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير