تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((ثم اعلم أخي أن الرجل يؤمن بقضية الترتيب والتقديم والتأخير في صحيح الإمام مسلم، وأن بيان مسلم للعلل إنما يأتي من خلال هذا الترتيب والتقديم والتأخير، يؤمن بذلك إيماناً أعمى، وقد أعاد هذه الفكرة وأبداها وطبقها فِعْلاً على حديث عبد الله بن عمر، وهو بمقتضى تقريره تنطبق على أحاديث كل الأبواب من صحيح مسلم ما عدا الحديث الأول منها، ثم حِين يُدرك خطورة هذه الفكرة وأنها تُؤدي إلى هدم صحيح مسلم، وفي الوقت نفسه لا تسمح له نفسه بالتخلي عنها والرجوع عنها ويُدرك أن هناك من سوف يكشف خطورة هذا الإتجاه يجعل لنفسه خطوط رجعة كما يقال ويجعل لنفسه مخارج للهروب منها إذا أجبر على التأخير أو الخروج)).

((وليس هذا مِنّي من باب سوء الظن ولا من باب الاتهامات التي تسندها الأدلة، بل هذا من صريح كلامه ومن مواقفه ومن رفضه التخلي عن هذا الفكر الخطير، وذلك أن قوله وأحياناً يبين العلل وأمثاله من التعبيرات يكون لغواً مائة في المائة، ولا مجال له أبداً مع إصراره على هذه الفكرة وإلحاحه عليها وترديده لها وسعيه جاهداً بكل ما عنده من طاقة لإقناع غيره بها بحيث لم يترك مجالاً لحسن الظن به)).

((فمن هنا اعتبرت تلك العبارات الاستثنائية لغواً ومخارج للتهرّب عند اللزوم وأنه يستحيل مع قوله بالترتيب والتقديم والتأخير على الوجه الذي فصّله، وأسهب فيه تطبيق تلك الاستثناءات، وأنها لا تتأتى إلى مع رفض هذه الفكرة الخطيرة والتخلّي عنها، وهذا أمر واضح جداً عند من يعقل ويفهم ويتحلّى بالعدل والإنصاف)).

((لذا لم أقم وزناً لهذا اللون من التحايل والتهرّب، وأدنته وحاسبته على تلك الفكرة التي اعتقد أنها قد سَيْطرت على عقله تغلغلت في دماغه وكيانه فدفعته إلى التعسّف والتهوّر فلا يقولنّ القارئ أنه استثنى وأنه قال وقال، بل عليه بالتعقل والتأمل، وسيدرك أن الجمع بينها وبين هذه الاستثناءات كالجمع بين الضب والنون، وأنها تغلق الأبواب والنوافذ في وجه أي استثناء، فإذا أدرك القارئ هذا أدرك أنني على حقّ إن شاء الله فيما أدنته به، وأني وضعت الأمور في نصابها)).

((وأن أساليب الصوفية وما تتذرّع به من تقية ومثلها الألاعيب السياسية تحتاج إلى ذكاء وفطنة وحذر، ويجب أن يكون أن يكون التعامل معها على هذا الأساس، وأن وضع حسن الظن في غير موضعه يجافي الحكمة والشرع والعقل))، انتهى كلام الأستاذ الفاضل. [منهج الإمام مسلم ص: 19، 21].

فهذا التحايل أصبح الأستاذ الفاضل حكيماً شرعياً عاقلاً فَذّاً، إذ أنه وضعه الأمور الغيبية في نصابها، لأنه كان يُدرك ويحس بحكمته وعقله أسرار كلامي التي لم أكن أتصورها.

بالله عليك! أهذا تعامل شرعي عقلي حكيم؟ أم تصرّف جاهلي باطني مذموم؟ ترفض النصوص الصريحة الواضحة المؤكدة بتكريرها في مواضع عديدة من بحثي ونقدي، قائلاً: ((إنها كلها لغو مائة في المائة لأنه يريد التهرب عن الحاجة))، وتقبل الباطن؟

وهل لهذا نظير في المكابرات والمغلطات والمجازفات؟ وبما أن العقل السليم والأدب الشرعي الإسلامي والخلق الحسن يجعلني أرفض هذا التطفّل فإنني لا أحب مواجهته بمثله، بل أدعو له بالإفاقة والهداية والرشد.

وهذه الأمور وأساليبه في الشتم والاتهام لم أكن أعرفها من قبل، ولسوء حظّي أني أسمعها لأول مرّة في حياتي ومن أستاذ جامعي أيضاً.

فأعيد وأكرر بأنني لم أقل إلا بما التزمه الإمام مسلم في مقدمته، وطبّقه في تضاعيف كتابه ((الصحيح المسند)) كما أقرّه العلماء وأنني لم أفسر ما قاله مسلم في المقدمة إلا بواقع كتابه ((المسند الصحيح)) حسب فهمي ومعرفتي، وخلاصته: أن الإمام مسلماً يُرتب الأحاديث في الصحيح بحسب القوة السلامة، وأنه يشرح العلة بذكر وجوه الاختلاف على سبيل التبع والاستطراد وذلك في بعض المواضع من الصحيح، ولم أدع بعد ذلك أن التقديم والتأخير في الأحاديث هو وسيلة لبيان العلة فيه، بل هو من افتراءاته علي. والله المستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير