مدار هذا الحديث على حماد بن سلمة عن ثابت. وقد اختلف على حماد في هذا الحديث:
فرواه بشر بن السري وعبيد الله بن موسى العبسي، وأبو داود الطيالسي، وسهل بن حماد أبو عتاب الدلال عنه عن ثابت عن أنس به مسندًا.
أما رواية بشر: فرواها عنه ابن أبي عمر العدني في مسنده [كما في المقاصد الحسنة رقم (176)] ومن طريقه أخرجه أبو حاتم الرازي هنا في العلل ومن طريق أبي حاتم أخرجه الضياء المقدسي في المختارة (5/ 63 رقم 1685)، وأخرجه في (5/ 62 رقم 1684) من طريق إسحاق بن أحمد بن نافع (كلاهما: أبو حاتم وإسحاق) عن ابن أبي عمر العدني به.
وأما رواية عبيد الله بن موسى فقد أشار إليها البيهقي في الدعوات الكبير عقب رواية الطيالسي التالية، وذكرها السخاوي في" المقاصد " وعزاها إلى الحاكم والبيهقي ومن طريقه الديلمي في مسنده. ولم أقف على سند هذه الرواية في المستدرك ولا غيره.
وأما رواية أبي داود الطيالسي: فأخرجها ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (352) قال: حدثنا محمد بن هارون بن المجدر. والبيهقي في الدعوات الكبير (235) من طريق تمتام. والضياء المقدسي في المختارة (5/ 62 رقم 1683) من طريق العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي ثلاثتهم (محمد بن هارون، وتمتام، والعباس) عن محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا حماد بن سلمة به.
ومحمد بن هارون المجدر ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (3/ 357) فقال: ((كان ثقه ... وكان يعرف بالانحراف عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه)).
وقال الذهبي في العبر (2/ 160): ((وكان معروفا بالانحراف عن علي)).
وقال في السير (14/ 436): ((وثقه الخطيب، وقيل كان فيه انحراف بين عن الإمام علي ينقم أمورًا)).
قلت: والنصب بدعة خفيفة لا ترد الرواية بها، طالما لم ينقل عنه سب لعلي ولا لأحد من السلف.
وقد تابعه تمتام واسمه محمد بن غالب بن حرب، ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (3/ 144) فقال: ((كان كثير الحديث صدوقًا حافظًا)).
والعباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي وهو ثقة ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/ 61) وقال: ((كان ثقة ثبتًا حجة يذكر بالصلاح والعبادة روى عنه عبد الله بن محمد البغوي ويحيى بن محمد بن صاعد والقاضي المحاملي وابن مخلد وأبو علي الصفار وأبو عمرو بن السماك وأحمد بن سلمان النجاد وأبو سهل بن زياد وجماعة سواهم يطول)).
وقد رووه جميعًا عن محمود بن غيلان وهو ثقة وثقه أحمد والنسائي وغيرهما من رجال التهذيب.
وأما رواية سهل بن حماد: فأخرجها ابن حبان في صحيحه (974) ومن طريقه الضياء في المختارة (5/ 63 رقم 1686) قال ابن حبان: أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل قال حدثنا سهل بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة به.
وقال الضياء: ((فهؤلاء ثلاثة رووه عن حماد مرفوعًا، ورواه القعنبي عن حماد عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا)).
فسندها حسن: محمد بن المسيب بن إسحاق هو: الأرغياني، عابد صالح، وشيخه محمد بن عبد الله، قال النسائي: لا بأس به. وقال ابن حجر في التقريب: صدوق. وقد توبعا.
وقد خالف هؤلاء جميعًا عبد الله بن مسلمة القعنبي فرواه عن حماد بن سلمة، عن ثابت مرسلا لم يذكر فيه أنسًا.
رواه عنه على هذا الوجه أبو حاتم الرازي في العلل كما أشرنا إليه هنا.
وتابع أبا حاتم عليه أبو بكر محمد بن صالح روايته أخرجها المحاملي في الدعاء (46).
وتمتام روايته أخرجها البيهقي في الدعوات الكبير (234).
وخالفهم محمد بن علي بن ميمون، فرواه عن القعنبي، عن حماد، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا. أخرجه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (2/ 276).
ومحمد بن علي بن ميمون، هو أبو العباس الرقي العطار. ثقة وثقه النسائي وقال الحاكم: أمام أهل الجزيرة في عصره ثقة مأمون.
وأغلب الظن عندي أن القعنبي لم يحفظ هذا الحديث فإن أبا حاتم قد ذكر أن جعفر بن عبد الواحد قد لقنه في هذا الحديث ذكر أنس فلما أخبر بذلك دعا عليه وهذا يعني أنه لم يحفظ الحديث، وإلا لم يقبل التلقين.
كان هذا هو التخريج فأين الإشكال؟
أقول ـ وبالله التوفيق ـ:
¥