تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن حجر (ت852هـ) رحمه الله: "ورأيت لأبي عبدالرحمن النسائي نحو ذلك، فإنه روى حديثاً من رواية أبي عبيدة عن أبيه ثم قال: أبوعبيدة لم يسمع من أبيه إلا أن هذا الحديث جيد ().

وكذا قال في حديث رواه من رواية عبدالجبار بن وائل بن حجر: عبدالجبار لم يسمع من أبيه لكن الحديث في نفسه جيد () "اهـ ().

قول الحاكم:

قال الحاكم أبو عبدالله (ت405هـ) رحمه الله: "ولعل قائلاً يقول: وما الغرض في تخريج ما لا يصح سنده و لا يعدل رواته؟ والجواب عن ذلك من أوجه:

منها: أن الجرح والتعديل مختلف فيه، وربما عدّل إمام وجرح غيره، وكذلك الإرسال مختلف فيه؛ فمن الأئمة من رأى الحجة بها، ومنهم من أبطلها، والأصل فيه الإقتداء بالأئمة الماضين رضي الله عنهم أجمعين.

كانوا يحدثون عن الثقات وغيرهم، فإذا سئلوا عنهم بينوا أحوالهم. ... . .... . ... لم يخل حديث إمام من أئمة الفريقين (يعني: الحجازيين والكوفيين) عن مطعون فيه من المحدثين، وللأئمة رضي الله عنهم في ذلك غرض ظاهر، وهو أن يعرفوا الحديث من أين مخرجه والمنفرد به عدل أو مجروح"اهـ ().

وكان أئمة الحديث يميزون حديث الرواة الضعفاء؛ فمنه ما يكتبونه لمعرفته دون روايته، كما قال يحي بن معين (ت232هـ) رحمه الله: "كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور وأخرجنا خبزاً نضيجاً" ().

ومنه ما يكتبونه ويحدثون به، للحاجة إليه، كما قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) رحمه الله لما سئل: يحدث الرجل عن الضعفاء مثل: عمرو بن مرزوق، وعمرو بن حَكَّام ومحمد بن معاوية وعلي بن الجعد وإسحاق بن أبي إسرائيل؟ فقال: لا يعجبني أن يحدث عن بعضهم" ().

قول ابن تيمية:

يقول تبارك وتعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ((الحجرات:6).

يقرر ابن تيمية أن في هذه الآية [أنه متى اقترن بخبر الفاسق دليل آخر يدل على صدقه فقد استبان الأمر، وزال الأمر بالتثبت] ().

[وإنما أمر بالتثبيت عند خبر الفاسق الواحد ولم بأمر به عند خبر الفاسقين فإن خبر الاثنين يوجب من الاعتقاد مالا يوجبه خبر الواحد] ().

وفي الاختيارات الفقهية بعد إيراده للآية السابقة قال: "فعلينا التبين والتثبت إذا جاءنا خبر الواحد، ولم نؤمر به عند خبر الفاسقين، وذلك أن خبر الاثنين يوجب من الاعتقاد ما لا يوجبه خبر الواحد، أمّا إذا علم أنهما لم يتواطآ فهذا قد يحصل به العلم"اهـ ()

قال ابن تيمية رحمه الله: "إن تعدد الطرق مع عدم التشاعر أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول لكن هذا ينتفع به كثيرا في علم أحوال الناقلين، وفى مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيىء الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك؛ ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون: إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره.

قال احمد: قد أكتب حديث الرجل لاعتبره.

ومثّل هذا بعبد الله بن لهيعة قاضى مصر فإنه كان من أكثر الناس حديثا، ومن خيار الناس، لكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه المتأخر غلط فصار يعتبر بذلك، ويستشهد به، وكثيرا ما يقترن هو والليث بن سعد، والليث حجه ثبت إمام.

وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ؛ فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها ويسمون هذا علم علل الحديث؛ وهو من أشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه، وغلطه فيه عرف؛

إما بسبب ظاهر كما عرفوا أن النبي تزوج ميمونة وهو حلال وأنه صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها حراما ()، ولكونه لم يصل () مما وقع فيه الغلط.

وكذلك أنه اعتمر أربع عمر، وعلموا أن قول ابن عمر أنه اعتمر في رجب () مما وقع فيه الغلط.

وعلموا أنه تمتع وهو آمن في حجة الوداع، وأن قول عثمان لعلي: "كنا يومئذ خائفين" ()، مما وقع فيه الغلط.

وأن ما وقع في بعض طرق البخاري: "أن النار لا تمتليء حتى ينشىء الله لها خلقا آخر" () مما وقع فيه الغلط وهذا كثير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير