ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[29 - 06 - 03, 09:34 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعا
على أدبكم أولاً
وعلى فوائدكم العلمية ثانياً
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[29 - 06 - 03, 11:30 ص]ـ
الأخوة المشايخ وفقهم الله.
قرأت هذا النقاش الماتع، لكن لدي ملاحظة، وهو أني أجد هناك غفلة عن سبب منشأ الخلاف وموجبه.
والذي اعتمده الشيخ دبيان وفقه الله، وكثير من كتابات الأخوة أعلاه تدل على ذلك، وهو ان موجب الخلاف هو إثبات لفظة (توضئي لكل صلاة)، وهذه الطريقة محل نظرٍ عندي.
لأن القول بـ «مشروعية» الوضوء لكل صلاة، هو قول عامة أهل العلم، بل قال عنه ابن عبد البر في الاستذكار: «والفقهاء بالحجاز والعراق مجمعون على أن المستحاضة تؤمر بالوضوء لكل صلاة منهم من رأى ذلك عليها واجبا ومنهم من استحبه وقد ذكرنا ذلك والحمد لله».
ومبنى المسألة والله أعلم على القول بعلة النقض بما يخرج من السبيلين، وهذه المسألة قد بحثْتُها فيما سَبَق في موضوع (رطوبة فرج المرأة)
وإليكم الرابط.
حكم رطوبة فرج المرأة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3932&highlight=%D1%D8%E6%C8%C9+%C7%E1%DD%D1%CC)
والمقصود أن قول مالك رحمه الله في الحدث أنه لا ينقض إلا الخارج المعتاد، وهو البول والغائط، والمذي، والمني، والودي، والريح.
فإذا ثبت هذا في قول مالك اتضح أن خروج الدم عنده أصلاً ليس بحدث، ولهذا لم يوجب مالك الوضوء بخروج دم الاستحاضة، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن هذا مبنى المسألة عند مالك رحمه الله، فقال رحمه الله: «وأما مالك فعنده ليس عليها وضوء ولا غسل، فإن دم الاستحاضة لا ينقض الوضوء عنده، لا هو ولا غيره من النادرات، وقد احتج الأكثرون بما في الترمذي وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة» [الفتاوى (21/ 629)].
وشيخ الإسلام فيما يظهر أنه يرجح قول مالك في انه لا ينقض إلا الخارج المعتاد، ولهذا قال في رسالته صحة مذهب أهل المدينة: «ومذهب أهل المدينة في الدعاء في الصلاة والتنبيه بالقرآن والتسبيح وغير ذلك فيه من التوسع ما يوافق السنة بخلاف الكوفيين: فإنهم ضيقوا في هذا الباب تضييقا كثيرا وجعلوا ذلك كله من الكلام المنهي عنه.
ومن ذلك في الطهارة أن مالكاً رأى الوضوء من مس الذكر ولمس النساء لشهوة دون القهقهة في الصلاة ولمس النساء لغير شهوة ودون الخارج النادر من السبيلين والخارج النجس من غيرهما. وأبو حنيفة رآها من القهقهة والخارج النجس من السبيلين مطلقا ولا يراها من مس الذكر» [الفتاوى (20/ 367)].
هذا الذي يظهر قي سبب الخلاف سواء في هذه المسألة ومسألة النقض برطوبة فرج المرأة، وكلا المسألتين رجح فيها شيخنا الشيخ ابن عثيمين في آخر حياته أنه لا نقض بها.
أما ما يتعلق بقول ابن المنذر رحمه الله فالذي يظهر -والله أعلم- أن طريقته في تحصيل الإجماع على أن الاستحاضة حدث = فيها نظر، وأنه اعتبر من رأى الوضوء لكل صلاة للمستحاضة فمعناه أنه يرى أنه حدث، وهذا غير صحيح؛ لأن امر المستحاضة بالوضوء قول العامة من أهل العلم، وإنما الشأن في وجوبه أو استحبابه.
ولا يفهم من كلامي هذا القدح في ابن المنذر، بل إمام معتبر في نقل الخلاف، لكن الخطأ وارد في هذا الباب، خاصة أن ابن عبد البر (وهو إمام في نقل الخلاف والإجماع) حكى ما ذكرته،وكذا ابن تيمية رحمه الله.
يبقى هنا مسألة، وهي أن المالكية رحمهم الله لما كان البول والغائط حدثاً عندهم اختلفوا فيه، ولهم فيه طرق، والمشهور من طريقة العراقيين أنه ليس بحدث، ولم يختلفوا في مسألة المستحاضة، والله اعلم.
والبخاري رحمه الله لم ذكر لفظة (توضئي لكل صلاة) طريقته واضحة في أنه لم يرد رفعها، بل أشار إلى أنها من وقول عروة، لهذا فليس هذا محل نقد على البخاري فليتنبه.
وأيضاً، فالبخاري يعتمد طريقة مالك والشافعي في أن كل ما خرج من السبيلين فهو ناقض، وولهذا فذكره لهذا الأثر بهذه الطريقة فيه تقرير للحكم، وإن لم يثبت رفعه،والله اعلم.
وكتب: ابن أبي حاتم.
ـ[ابن المنذر]ــــــــ[30 - 06 - 03, 08:06 م]ـ
شكراً جزيلاً على هذه المشاركة الفاعلة منكم، ولعلك بهذا تكونَ قد وضعت نقطة على حرف، ولكن ...
هل ترى أنها قد حلَّت الإشكال في تلك المناقشة التي دارت بيني وبين الشيخ (المستفيد 7) ................ !!!
ثم إن هناك بعض التنبيهات على تعليقك السابق:
أولاً / قلت في بداية تعليقك: (ولهذا لم يوجب مالك الوضوء بخروج دم الاستحاضة).
ثم قلت قبل نهاية التعليق: (فالبخاري يعتمد طريقة مالك والشافعي في أن كل ما خرج من السبيلين فهو ناقض).
فلعلك سهوت هنا في ذكر " مالك " في العبارة الثانية.
ثانياً / قولك (فإذا ثبت هذا في قول مالك اتضح أن خروج الدم عنده أصلاً ليس بحدث)
أقول: تصحيح العبارة هكذا: (فإذا ثبت هذا في قول مالك اتضح أن خروج الدم غير المعتاد [الاستحاضة] أصلاً ليس بحدث)
لأن خروج الدم الطبيعي (دم الحيض والنفاس) ناقض باتفاق الفقهاء، ومنهم مالك رحمه الله.
ثالثاً / من أين نستفيد من النص الذي نقلته عن مجموع الفتاوى بأن قول مالك قد اختاره ابن تيمية رحمه الله. فقد قرأت النص مراراً فلم يتبين لي ذلك.
وإنما الذي تبين لي أن ابن تيمية يعرض أصول مالك في هذه المسألة فقط، ولم يتعرض للترجيح.
ثم إن الظاهر عن ابن تيمية أنه يرجح قول الجمهور بأن الاستحاضة ومن في حكمها كـ من به سلس البول، أو قيح من ذكره لا ينقطع، أو ريح من دبره مستمرة، أنه يعتبرها نواقض، وعليهم أن يتوضؤوا لكل صلاة أو لوقت صلاة، ولا يضرهم ما خرج بعد ذلك ولو كان حال الصلاة [وانظر مجموع الفتاوى 21/ 221].
ثم هنا سؤال للشيخ ابن أبي حاتم وفقه الله، أرجو أن يجيب عنه:
ما رأي فضيلته بـ من اختار قول الجمهور بأن الاستحاضة ناقض للوضوء، ثم يختار بأنه ليس عليها وضوء عند كل صلاة، كما هو حال كثير من الباحثين اليوم؟
هل يكون بذلك قد ناقض نفسه؟
¥