تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن سعد - رحمه الله - في ((الطبقات)) (6/ 151): وكان حجر بن عدى جاهلياً إسلامياً، قال وذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي (، مع أخيه هانئ بن عدى، وشده القادسية، وهو الذي فتح مرج عذرى، وكان في ألفين وخمسائة من العطاء وكان من اصحاب علي ابن أبي طالب، وشهد معه الجمل و

منزلك، وهذا سريرى فهو مجلسك، وحوائجك مقضية لدى، فاكفنى نفسك فإني أعرف عجلتك، فأنشدك الله يا أبا عبدالرحمن في نفسك، وإياك وهذه السفلة وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك فإنك لو هنت علي واستخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي. فقال حجر: قد فهمت، ثم انصرف إلى منزله، فاتاه إخوانه من الشيعة، فقالوا: ما قال لك الأمير؟ قال: قال لي كذا وكذا، قلوا: ما نصح لك، فأقام وفيه بعض الاعتراض.

وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون: إنك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر، وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه، فأرسل إليه عمرو بن حريث، وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة وزياد بالبصرة: أبا عبدالرحمن ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت؟ فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه، إليك وراءك أوسع لك، فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد، وكتب إليه: إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل، فأخذ زياد المسير حتى قدم الكوفة، فارسل إلى عدى بن حاتم، وجير بن عبدالله البجلى، وخالد بن عرفطة العذري، حليف بني زهرة، وإلى عدة من أشراف أهل الكوفة، فارسلهم إلى حجر بن عدى ليعذر إليه، وينهاه عن هذه الجماعة، وإن يكف لسانه عما يتكلم به، فأتوه فلم يجبهم إلى شيء، ولم يكلم أحداً منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر، قال: وبكر في ناحية الدار، فقال له عدى بن حاتم: أمجنون أنت؟ أكلمك بما اكلمك به وأنت تقول يا غلام أعلف البكر؟ فقال عدى لأصحابه: ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما رأى، فنهض القوم عنه وأتوا زياداً فأخبروه ببعض وخزنوا بعضاً، وحسنوا أمره وسألوا زياداً الرفق به فقال: لست إذا لأبي سفيان.

فأرسل إليه الشرط والبخاريه فقاتلهم بمن معه، ثم انقضوا عنه وأتى به زياد وباصحابه فقال له: ويلك ما لك؟ فقال: إني على بيعتى لمعاوية لا أقيلها ولا استقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة، فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر واصحابه إليه.

وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية فسأله أن يخلي سبيلهم، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي: يا أمير المؤمنين جدادها جدادها، لا تعن بعد العام أبداً، فقال معاوية: لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا على كتاب زياد، فقرئ عليه الكتاب، وجاء الشهود فشهدوا، فقال معاوية بن ابي سفيان: أخرجهم إلى عذرى فاقتلوهم هنالك، قال فحملوا إليها.

فدلت هذه الحكاية على أن معاوية أمر بقتله لما شهد عنده الشهود بأنه ألب على عامله بالعراق، وحصبه وهو على المنبر، وخلع البيعة لمعاوية نفسه، وهو آنذاك أمير المؤمنين، وقد قال رسول الله (- فيما أخرجه مسلم من حديث عرفجة -: ((إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة، وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان)). قال الإمام النووى - رحمه الله - (12/ 241): ((فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك، وينهى عن ذلك، فإن لم ينته قوتل، وإن لم يندفع شره إلا بقتله فقتل كان هدراً)).

قلت: وفي القصة التي ذكرها ابن سعد ما يدل على أن الشيعة قد ألبوه على معاوية وعامله، وأن زياداً والى العراق قد راجعه في ذلك قبل أن يبعث بالشهود إلى معاوية - (- فلما علم معاوية من حاله، وشهد عنده الشهود بذلك، أمر بقتله عملاً بنص هذا الحديث، خصوصاً وأن البيعة كانت قد استقرت له، والتأليب عليه مما يضر بالدولة الإسلامية آنذاك. وقد أمرنا النبي (بالسمع والطاعة ولو لعبد حبشي، فكيف بمن كان من صحابته الذين آزروه ونصروه، وبمن دعا له النبي (بالهداية؟!!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير