تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال:

قلت: هذه قضية الرسالة وليست قضية النبوة.

قال: .

قلت: لا يبدو أن الكاتب قد نقل عن كلام ابن حزم نفسه. ولو فعل لما كتب أكثر ما قال.

قال: .

قلت: فالعجب ممن يزعم الإجماع على أن المرأة لا تكون نبية. وقد قال الإمام أحمد: . والعجب أكثر ممن يحكي الخلاف ثم يحكي الإجماع!! وإنما فعلوا ذلك لأنه دليلهم الوحيد على خصومهم. وقد ظهر بطلانه، ولله الحمد.

وأما أدلة من قال بنبوة النساء، فإليك قول ابن حزم في كتابه "الملل والنحل":

ما نعلم للمانعين من ذلك حجة أصلاً، إلا أن بعضهم نازع في ذلك بقول الله {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم}. قال أبو محمد: وهذا أمر لا ينازعون فيه. ولم يدَّع أحد أن الله تعالى أرسل امرأة. وإنما الكلام في النبوة دون الرسالة.

فوجب طلب الحق في ذلك بأن ينظر في معنى لفظة النبوة في اللغة التي خاطبنا الله بها عز وجل. فوجدنا هذه اللفظة مأخوذة من الأنباء، وهو الإعلام. فمن أعلمه الله عز وجل بما يكون قبل أن يكون أو أوحي إليه منبئا له بأمر ما، فهو نبي بلا شك.

وليس هذا من باب الإلهام الذي هو طبيعة كقول الله تعالى " وأوحى ربك إلى النحل ". ولا من باب الظن والتوهم الذي لا يقطع بحقيقته إلا مجنون. ولا من باب الكهانة التي هي من استراق الشياطين السمع من السماء فيرمون بالشهب الثواقب، وفيه يقول الله عز وجل " شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ". وقد انقطعت الكهانة بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا من باب النجوم التي هي تجارب تتعلم. ولا من باب الرؤيا التي لا يدري أصدقت أم كذبت.

بل الوحي الذي هو النبوة قصد من الله تعالى إلى إعلام من يوحي إليه بما يعلمه به. ويكون عند الوحي به إليه حقيقة خارجة عن الوجوه المذكورة يحدّث الله عز وجل لمن أوحى به إليه علماً ضرورياً بصحة ما أوحي به. كعلمه بما أدرك بحواسه وبديهة عقله سواء لا مجال للشك في شيء منه: إما بمجئ المَلَك به إليه، وإما بخطاب يخاطب به في نفسه. وهو تعليم من الله تعالى لمن يعلمه، دون وساطة معلِّم. فإن أنكروا أن يكون هذا هو معنى النبوة، فليعرّفونا ما معناها. فإنهم لا يأتون بشيء أصلاً! فإذاً ذلك كذلك.

فقد جاء القرآن بأن الله عز وجل أرسل ملائكة إلى نساءٍ، فأخبروهن بوحي حق من الله تعالى. فبشروا أم إسحاق بإسحاق عن الله تعالي. قال عز وجل " وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ". فهذا خطاب الملائكة لأم إسحاق عن الله عز وجل بالبشارة لها بإسحاق ثم يعقوب، ثم بقولهم لها أتعجبين من أمر الله. ولا يمكن البتة أن يكون هذا الخطاب من ملك لغير نبي بوجه من الوجوه.

ووجدناه تعالى قد أرسل جبريل إلى مريم أم عيسى عليهما السلام بخطابها. و قال لها " إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ". فهذه نبوة صحيحة بوحي صحيح، ورسالة من تعالى إليها. وكان زكريا عليه السلام يجد عندها من الله تعالى رزقا واردا تمنى من أجله ولدا فاضلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير