وأنكر أصحابه على من يقول إن الرضى والغضب مخلوقان قالوا من قال ذلك لزمه أن غضب الله عز وجل على الكافرين يفنى وكذلك رضاه على الأنبياء والمؤمنين حتى لا يكون راضيا على أوليائه ولا ساخطا على أعدائه وسمى ما كان عن الصفة باسم الصفة مجازا في بعض الأشياء وسمى عذاب الله تعالى وعقابه غضبا وسخطا لأنهما عن الغضب كانا
وقد أجمع المسلمون لا يتناكرون بينهم إذا رأوا الزلازل والأمطار العظيمة انهم يقولون هذه قدرة الله تعالى والمعنى أنها عن قدرة كانت وقد يقول الإنسان في دعائه اللهم اغفر لنا علمك فينا وإنما يريد معلومك الذي علمته فيسمي المعلوم باسم العلم وكذلك سمى المرتضي باسم الرضى وسمى المغضوب باسم الغضب
مسألة
وذهب إلى أن لله تعالى نفسا وقرأاحمد بن حنبل ((ويحذركم الله نفسه)) وقال عز وجل ((كتب ربكم على نفسه الرحمة)) وقال ((واصطنعتك لنفس)) وليست كنفس العباد التي هي متحركة متصعدة مترددة في أبدانهم بل هي صفة له في ذاته خالف بها النفوس المنفوسة المجعولة ففارق الأموات وحكى في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى ((تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك)) قال تعلم ما في النفس المخلوقة ولا أعلم ما في نفسك الملكوتية إنك أنت علام الغيوب
وأنكر على من يقول بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة بالشريعة واللغة وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل
وكان يذهب إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار وقرأ ((وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)) ولو لم يرد النظر بالعين ما قرنه بالوجه وأنكر نظر التعطف والرحمة لأن الخلق لا يتعطفون على الله تعالى ولا يرحمونه وأنكر الانتظار من أجل ذكر الوجه ومن أجل أنه تبعيض وتكرير ولأنه أدخل فيه إلى وإذا دخلت إلى فسد الانتظار قال الله تعالى ((ما ينظرون إلا صيحة واحدة)) وقال عز وجل ((فناظرة بم يرجع المرسلون)) فلما أراد الانتظار لم يدخل إلى وروى الحديث المشهور في قوله ترون ربكم إلى آخره
مسألة:
وكان يقول إن الله تعالى قديم بصفاته التي هي مضافة إليه في نفسه
وقد سئل هل الموصوف القديم وصفته قديمان؟
فقال:
هذا سؤال خطأ لا يجوز أن ينفرد الحق عن صفاته ومعنى ما قاله من ذلك أن المحدث محدث بجميع صفاته على غير تفصيل وكذلك القديم تعالى قديم بجميع صفاته
مسألة وعظم عليه الكلام في الاسم والمسمى وتكلم أصحابه في ذلك فمنهم من قال الاسم للمسمى ومنهم من قال الاسم هو المسمى والقول الأول قول جعفر بن محمد والقول الثاني قول جماعة من متكلمي أصحاب الحديث الذين طلبوا السلامة أمسكوا وقالوا لا نعلم ((قا أبو عمر والأصح أن الإسم للمسمى)
وكان يذهب إلى أن أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل ولا يجوز أن يخرج شيء من أفعالهم عن خلقه لقوله عز وجل ((خالق كل شيء)) ثم لو كان مخصوصا لجاز مثل ذلك التخصيص في قوله ((لا إله إلا هو)) وأن يكون مخصوصا أنه إله لبعض الأشياء وقرأ ((وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة)) وقرأ ((عسى أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة)) وقرأ ((وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين)) وروى عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن أعمال الخلق التي يستوجبون بها من الله السخط والرضا فقال هي من العباد فعلا ومن الله تعالى خلقا لا تسأل عن هذا أحدا بعدي
وكان أحمد يذهب إلى أن الاستطاعة مع الفعل وقرأ قوله عز وجل ((انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا)) وقرأ ((ذلك تأويل مالم تستطع عليه صبرا)) والقوم لا آفة بهم وكان موسى تاركا للصبر وقرأ ((ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)) فدل على عجزنا ودل ذلك على ان الخلق بهذه الصفة لا يقدرون إلا بالله ولا يصنعون إلا ما قدره الله تعالى وقد سمي الإنسان مستطيعا إذا كان سليما من الآفات
مسألة:
وكان يقول إن الله تعالى أعدل العادلين وإنه لا يلحقه جور ولا يجوز أن يوصف به عز عن ذلك وتعالى علوا كبيرا وأنه متى كان في ملكه
مالا يريده بطلت الربوبية وذلك مثل أن يكون في ملكه مالا يعلمه تعالى الله علوا كبيرا
¥