تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان يقول إن الله تعالى لم يزل مريدا والإرادة صفة له في ذاته خالف بها من لا إرادة له والإرادة صفة مدح وثناء لأن كل ذات لا تريد ما تعلم أنه كائن فهي منقوصة والله تعالى مريد لكل ما علم أنه كائن وليست إرادته كإرادات الخلق وقد أثبت ذلك لنفسه فقال ((إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)) وقال تعالى ((إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)) فلو كانت إرادته مخلوقة لكانت مرادة بإرادة أخرى وهذا مالا يتناهى وذلك في القرآن كثير وقد دلت العبرة على أن من لا إرادة له فهو مكره

وكان يقول إن لله عز وجل كلاما هو به متكلم وذلك صفة له في ذاته خالف بها الخرس والبكم والسكوت وامتدح بها نفسه فقال عز وجل في الذين اتخذواالعجل ((ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين)) فعابهم لما عبدوا إلها لا يتكلم ولا كلام له فلو كان إلهنا لا يتكلم ولا

كلام له رجع العيب عليه وسقطت حجته على الذين اتخذوا العجل من الوجه الذي احتج عليهم به ويزيد ذلك أن إبراهيم عليه السلام أنب أباه بقوله ((يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا)) وحكى عن ابن مسعود وابن عباس أنهما فسرا قوله عز وجل ((قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون)) قالا غير مخلوق

وكان يقول إن القرآن كيف تصرف غير مخلوق وأن الله تعالى تكلم بالصوت والحرف وكان يبطل الحكاية ويضلل القائل بذلك وعلى مذهبه أن من قال إن القرآن عبارة عن كلام الله عز وجل فقد جهل وغلط وأن الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل دون العبارة عنه ودون الحكاية له وتبطل الحكاية عنده بقوله عز وجل ((وكلم الله موسى تكليما)) و تكليما مصدر تكلم يتكلم فهو متكلم وذلك يفسد الحكاية ولم ينقل عن احد من ائمة المسلمين من المتقدمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين عليهم السلام القول بالحكاية والعبارة فدل على أن ذلك من البدع المحدثة

وكان يقول إن الله عز وجل مستو على العرش المجيد وحكى جماعة عنه أن الاستواء من صفات الفعل وحكى جماعة عنه أنه كان يقول إن الاستواء من صفات الذات وكان يقول في معنى الاستواء هو العلو والارتفاع ولم يزل الله تعالى عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه فهو فوق كل شيء والعالي على كل شيء وإنما خص الله العرش لمعنى فيه مخالف لسائر الأشياء والعرش أفضل الأشياء وأرفعها فامتدح الله نفسه بأنه على العرش استوى أي عليه علا ولا يجوز ان يقال

استوى بمماسة ولا بملاقاة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل ولا يلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش

وكان ينكر على من يقول إن الله في كل مكان بذاته لأن الأمكنة كلها محدودة وحكى عن عبدالرحمن بن مهدي عن مالك أن الله تعالى مستو على عرشه المجيد كما أخبر وأن علمه في كل مكان ولا يخلو شيء من علمه وعظم عليه الكلام في هذا واستبشعه فهو سبحانه عالم بالأشياء مدبر لها من غير مخالطة ولا موالجة بل هو العالي عليها منفرد عنها وقرأ احمد بن حنبل قوله تعالى ((وهو القاهر فوق عباده)) وقرأ ((إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)) وقرأ ((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)) وقرأ ((إني متوفك ورافعك إلي)) وقرأ ((يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون))

وذهب احمد بن حنبل رضي الله عنه إلى أن الله عز وجل يغضب ويرضى وأن له غضبا ورضى وقرأ احمد قوله عز وجل ((ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى)) فأضاف الغضب إلى نفسه وقال عز وجل ((فلماآسفونا انتقمنا منهم)) قال ابن عباس يعني اغضبونا وقوله أيضا ((فجزاؤه جهنم حالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه)) ومثل ذلك في القرآن كثير والغضب والرضى صفتان له من صفات نفسه لم يزل الله تعالى غاضبا على ما سبق في علمه أنه يكون ممن يعصيه ولم يزل راضيا على ما سبق في علمه أنه يكون مما يرضيه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير