تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• وأما ما كان من شركهم في الربوبية فقوله صلى الله عليه وسلم: ((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من مطرنا بنوء كذا فذلك كافرٌ بي ن مؤمنٌ بالكوكب، وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي، كافرٌ بالكوكب)).

• والشاهد من هذا الحديث: أنَّ الشرك في الاستسقاء بالنجوم (وهو نسبة نزول المطر أو سببه إلى الأنواء والنجوم) إنما هو شركٌ في الربوبية.

• ووجه كونه شركاً في الربوبية: أنه اعتقاد تأثير بعض الأنواء بكونها منزلةً للمطر أو سبباً لنزوله؛ والواجب نسبة إنزال المطر لله وحده، وعدم جعل شيءٍ سبباً لم يجعله الله كذلك.

• وهذه النسبة تناقض توحيد الربوبية؛ الذي هو توحيد الله بأفعاله؛ ومن أفعاله: إنزال المطر.

• ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: ((الطيرة شرك، الطيرة شرك) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرقى والتمائم والتولة والطيرة شركٌ)).

• والشاهد من هذين الحديثين: أنَّ الطيرة - وهو التشاؤم - شركٌ في الربوبية.

• ووجه كونه شركاً في الربوبية: أنه اعتقاد تأثير بعض الأعيان أو الأزمان بالشر والسوء على الناس؛ والواجب نسبة الخلق لله وحده، وهو يناقض توحيد الربوبية؛ الذي هو توحيد الله بأفعاله.

• وكذا الاعتقاد في التولة (وهو ما يصنع من الرقى التى تحبب أحد الزوجين للآخر) أنها جالبة للنفع، أو الرقى عموماً أنها دافعة للضر؛ كالعين والسحر والجن = فهذا كله من الشرك في توحيد الربوبية.

• وكذا قولهم: ((وما يهلكنا إلاَّ الدهر))؛ فهذا نسبة الإماتة للدهر، وهو شركٌ في الربوبية.

• وكذا قولهم في الشجرة المتبرَّك: ((اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى: ((اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة))، ووجهه اعتقاد جلب النفع من غير الله ن وهو شرك في الربوبية.

• وكذا حرمة التصوير؛ بتعليل: ((المضاهاة لله تعالى في الخلق)) = هو من هذا الباب، وكان المشركون أصحاب تماثيل وتصاوير.

• قال أبو عمر السمرقندي: ومن تتبَّع وجد أكثر مما ذكرت من الأمثلة الخاطرة السائرة على الذهن.

• قال أبو عمر: ولو جعلنا (توحيد الحاكمية) قسماً رابعاً من أقسام التوحيد؛ وهو وجهة نظر، ولكنه خلاف المشهور إذ هو فرد من أفراد توحيد الألوهية = أقول: ولو جعلناه قسماً رابعاً لقلنا إنَّ مشركي العرب - وغيرهم كاليهود - كانوا واقعين أيضاً في شرك الحاكمية.

• قال أبو عمر: قد تقدَّم نقاش سالف في مسألة كون الحاكمية قسماً من أقسام التوحيد أو ليس منها؛ فلا داعي لطرحه ههنا من جديد، وإليكم رابطه:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=5102&highlight=%CA%E6%CD%ED%CF+%C7%E1%D1%C8%E6%C8%ED%C9

• قال أبو عمر: فإن قال قائل - وقد قيل -: فكيف يُجمع يين ما ذكره الله في كتابه من إقرار المشركين بأفراد الربوبية وبين ما ذُكِر من وقوعهم في أجناس من الشرك يه.

• فالجواب سهلٌ: وهو أنَّ الإقرار محمول على الإقرار من حيث (الجملة)، وليس في كلِّ الأفراد.

• وأما الشرك الذي كانوا واقعين فيه فهو في بعض الأفراد دون بعض.

• قال أبو عمر: وينبغي على هذه النتيجة حمل كلام الأئمة المجمل عليه:

• كقول الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كشف الشبهات: ((وإلاَّ فهؤلاء المشركون مقرُّون يشهدون أنَّ الله هو لخالق الرازق وحده لا شريك له ... فإذات أردت الدليل على أنَّ هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون بهذا فاقرأ قوله تعال: ((قل من يرزقكم من الموات والأرض ... فسيقولن الله، فقل: أفلا تتقون؟)) ... فإذا تحقَّقت أنهم مقرُّون بهذا وأنه لم يدخلهم في التوحيد ... )). الخ كلامه رحمه الله.

• والشيخ رحمه الله إنما أراد الردَّ على مشركي زمانه الذين كانوا يفسرون التوحيد بالربوبية حسبُ؛ فبيَّن أنَّ شرك العرب كان (معظمه) في الألوهية؛ وهو ماكانوا واقعين فيه؛ وهو اتخاذهم الوسائط إلى الله؛ فشركهم مثل شرك من قبلهم؛ بل أشد.

• وقد عنون هو رحمه الله في كتابه الآخر (التوحيد) أبواباً يفهم منها هذا الذي بيَّنته ونبَّهت عليه؛ كباب من تبرَّك بشجرة او حر أو نحوهما، وباب ما جاء في التطيُّر، وباب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء، وباب قوله: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ... )، وباب من سبَّ الدهر فقد آذى الله، وباب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات ... الخ ز

• والنصوص التي أوردها تحت هذه الأبواب أوضح بيان على ما ذكرت.

• وقال في مسائل الجاهلية: المسألة 38: الإلحاد في الصفات؛ كقوله تعالى: ((ولكن ظننتم أنَّ الله لا يعلم كثيراً مما تعملون)).

• وفي المسألة 39: الإلحاد في الأسماء؛ كقوله: ((وهم يكفرون بالرحمن)).

• وكذا من المجمل قول حفيدة الشيخ عبدالرحمن بن حسن: ((أما توحيد الربوبية: فهو الذي أقرَّ به الكفَّار على زمن النبي صلى الله ليه وسلَّم) أقول: أقرَّ به الكفَّار جملةً.

• وكقول الإمام الصنعاني في أول كتابه: تطهير الاعتقاد؛ نحو هذا.

• وكقول الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى في كتابه: (الرد على شبهات المستعينيين بغير الله): ((القسم الأول: توحيد الربوبية ... وهذا القسم قد أقرَّ به مشركوا العرب)) فهو مجمل يحمل على ما بيَّنته من التفصيل.

• وكذا قوله وغيرُهُ في الكتاب نفسه: ((أول ما حدث الإلحاد في أسماء الله وصفاته بنفي ما دلَّت عليه الأسماء والصات مقالة لججعد بن درهم ... الخ)) فهذا غلطٌ على إجماله، والصواب وهو الذي يحمل عليه كلام الشيخ وغيره أنه قد حصل من المشركين نفي شيءٍ منه كما تقدَّم؛ لكنَّ الأوَّلية التي حصلت بالجعد إنما كانت بعد ظهور الإسلام.

• والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير