((قال الإمام أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الأنصاريّ القرطبيّ في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" عند تفسير هذه الآية ما نصُّه: قال القاضي أبو بكر بن العربي: لا يخلو أن يكونَ ما قالوه في ذلك – جِدَّاً أو هزلاً – وهو كيف ما كان كفرٌ، فإنَّ الهزل بالكفرِ كفرٌ لا خلاف فيه بين الأمَّة)) انتهى المقصود.
وقال القاضي عياض بن موسى – رحمه الله – في كتابه "الشِّفا بتعريف حقوق المصطفى" (ص 325) ما نصُّه: ((واعلم أنَّ من استخفَّ بالقرآن أو المصحف، أو بشيءٍ منه، أو سبَّهما أو جحده أو حرفاً منه أو آية، أو كذَّب به أو بشيءٍ ممَّا صرَّح به فيه: من حكمٍ، أو خبٍر، أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علمٍ منه بذلك، أو شكَّ في شيءٍ من ذلك فهو كافرٌ عند أهلِ العلم بإجماعٍ، قال الله تعالى: ?وَإِنَّهُ لكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) (1) ?. انتهى المقصود)) (2).
وفي مجلَّة الفرقان سُئل الشيخ عن الكفر العمليِّ المخرجِ من الملَّة فقال:
" الذَّبحُ لغيرِ الله، والسُّجود لغير الله،كفرٌ عمليٌّ مُخرجٌ من الملَّة، وهكذا لو صلى لغير الله أو سجد لغيره سبحانه، فإنَّه يكفر كفراً عمليَّاً أكبر- والعياذ بالله – وهكذا إذا سبَّ الدِّين، أو سبَّ الرَّسول، أو استهزأ بالله ورسوله، فإنَّ ذلك كفرٌ عمليٌّ أكبر عند جميع أهل السُّنَّة والجماعة)) (3).
110. الشيخ محمَّد بن صالح بن عثيمين (4):
((سئل فضيلة الشيخ: عن شروط الحكم بتكفير المسلم؟ وحكم من عمل شيئاً مكفِّراً مازحاً؟
فأجاب – حفظه الله تعالى – بقوله: للحكم بتكفير المسلم شرطان: أحدهما: أنْ يقوم الدَّليل على أنَّ هذا الشيء مما يكفِّر.
الثاني: انطباق الحكم على من فعل ذلك بحيث يكون عالماً بذلك قاصداً له، فإن كان جاهلاً لم يكفر. لقوله تعالى: ?وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا? (1) وقوله:?وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِل قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لهُمْ مَا يَتَّقُونَ? (2) وقوله: ?وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (3) ?.
لكن إن فرَّط بترك التعلُّم والتبيُّن لم يُعذَر، مثل أنْ يبلغَه أنَّ عمله هذا كفرٌ فلا يتثبَّت، ولا يبحث فإنَّه لا يكون معذوراً حينئذٍ.
وإنْ كان غير قاصدٍ لعمل ما يكفِّر لم يكفُر بذلك، مثل أنْ يُكره على الكفرِ وقلبه مطمئنُّ بالإيمان، ومثل أنْ ينغلق فكرُه فلا يدري ما يقول لشدَّة فرحٍ ونحوه، كقول صاحب البعير الذي أضلَّها، ثم اضطجع تحت شجرةٍ ينتظر الموت فإذا بخطامِها متعلقاً بالشجرة فأخذه، وقال: (اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك) أخطأ من شدَّة الفرح.
لكن من عمل شيئاً مكفِّراً مازحاً فإنَّه يكفر لأنَّه قصد ذلك، كما نصَّ عليه أهل العلم)) (4).
وفي "المجموع" أيضاً:
((وسُئِل – حفظه الله -: عن حكم من يمزح بكلامٍ فيه استهزاءٌ بالله أو الرَّسول ?، أو الدِّين؟
فأجاب بقوله: هذا العمل وهو الاستهزاء بالله أو رسوله ?، أو كتابه أو دينه ولو كان على سبيل المزْح، ولو كان على سبيل إضْحاك القوم كفرٌ ونفاقٌ، وهو نفس الذي وقع في عهد النبي ?، في الَّذين قالوا: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغبَ بطوناً، ولا أكذبَ ألسُناً، ولا أجبنَ عند اللِّقاء". يعني رسول الله، ?، وأصحابَه القراء فنزلت فيهم: ?وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ?)) (1).
111. الشيخ عبد الله بن عبد الرَّحمن الجبرين (2):
قال في "الجواب الفائق في الرَّدِّ على مبدِّل الحقائق":
¥