تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ألا ترى قدامة بن مظعون -وكان بدرياً- تأول في خلافة عمر ما تأول في استحلال الخمر من قوله تعالى?ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا? حتى أجمع رأي عمر وأهل الشورى أن يستتاب هو وأصحابه؛ فإن أقروا بالتحريم جلدوا، وإن لم يقروا به كفروا، ثم إنه تاب وكاد ييأس لعظم ذنبه في نفسه، حتى أرسل إليه عمر? بأول سورة غافر، فعلم أن المضمون للبدريين أن خاتمتهم حسنة، وأنهم مغفور لهم وإن جاز أن يصدر عنهم قبل ذلك ما عسى أن يصدر، فإن التوبة تجبُّ ما قبلها.

وإذا ثبت أن كل سبّ -تصريحاً أو تعريضاً- موجب للقتل فالذي يجب أن يعتنى به الفرق بين السبِّ الذي لا تقبل منه التوبة والكفر الذي تقبل منه التوبة فنقول:

الفرق بين السبِّ والكفر:

هذا الحكم قد نِيطَ في الكتاب والسنة باسم أذى الله ورسوله، وفي بعض الأحاديث ذكر الشتم والسب، وكذلك جاء في ألفاظ الصحابة والفقهاء ذكر السب والشتم، والاسمُ إذا لم يكن له حدّ في اللغة كاسم الأرض والسماء والبحر والشمس والقمر، ولا في الشرع كاسم الصلاة والزكاة والحج والإيمان والكفر، فيجب أن يرجع في حده إلى العرف كالقبض والحرز والبيع والرهن والكري ونحوها، فيجب أن يرجع في الأذى والسبِّ والشتم إلى العرف، فما عدَّه أهلُ العرف سبّاً وانتقاصاً أو عيباً أو طعناً ونحو ذلك فهو من السب، وما لم يكن كذلك فهو كفر به، فيكون كفراً ليس بسبٍّ، حكم صاحبه حكم المرتد إن كان مظهراً له وإلا فهو زنديق، والمعتبر أن يكون سباً وأذى للنبي ? وإن لم يكن سبَّاً وأذى لغيره.

فعلى هذا كل ما لو قيل لغير النبي ? أوجب تعزيراً أو حداً بوجه من الوجوه فإنه من باب سبِّ النبيِّ ? كالقذف واللعن وغيرهما من الصور التي تقدم التنبيه عليها، وأما ما يختص بالقدح في النبوة فإن لم يتضمن إلا مجرد عدم التصديق فهو كفر محض، وإن كان فيه استخفاف واستهانة مع عدم التصديق فهو من السب، وهنا مسائل اجتهادية يتردد الفقهاء هل هي من السبِّ أو من الردة المحضة، ثم ما ثبت أنه ليس بسبٍّ فإن استسربه صاحبه فهو زنديق حُكمه حكم الزنديق، وإلا فهو مرتد محض، واستقصاء الأنواع والفرق بينها ليس هذا موضعه ".

الاستهانة بالدين، والاستهزاء به، وسب الرسول، ونسبة الولد لله، وترك الصلاة كسلاً مكفرات عملية ناقلة عن الملة:

فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية:

السؤال الثاني والثالث من الفتوى (9104):

س: تفسيرهم الكفر المخرج من الملة بالجحود فقط، وترك الصلاة كسلاً غير جاحد، أم هناك كفر مخرج من الملة بدون جحود؟

ج: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه .. وبعد: تفسير الكفر المخرج من الملة بالجحود فقط غير صحيح فإن إنكار المسلم حكماً اجتهادياً اختلف فيه الأئمة لا يعتبر كفراً، بل يعذر في ذلك الإتيان به والإعراض عن النطق بالشهادتين مع القدرة على ذلك وكترك الصلوات الخمس عمداً أو كسلاً لا جحوداً.

س: اعتبارهم تارك الصلاة كافراً كفراً عملياً والكفر العملي لا يخرج صاحبه من الملة إلا ما استثنوه من سب الله تعالى وما شابهه فهل تارك الصلاة مستثنى وما وجه الاستثناء؟

ج: ليس كل كفر عملي لا يخرج من ملة الإسلام، بل بعضه يخرج من ملة الإسلام وهو ما يدل على الاستهانة بالدين به كوضع المصحف تحت القدم وسب رسول الله ? مع العلم برسالته ونسبة الولد إلى الله والسجود لغير الله وذبح قربان لغير الله، ومن ذلك ترك الصلوات المفروضة كسلاً لقول النبي ?: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب ? وقوله ?: " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " خرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الباب الثالث

كل من عصى الله فهو معرض للعقوبة إلا أن يعفو الرحمن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير