تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك الإيمان الحشر أي حشر الناس في عرصات يوم القيامة لله , ويحشرون كلهم من أولهم إلى آخرهم يجمعون على صعيد واحد (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) (الكهف47)

وكذلك الإيمان بدنو الشمس من الخلائق وتفاوت الناس في العرق ومن يظلهم الله في ظله ومن لا يظلهم.

وكذلك الإيمان بالدواوين ومجيء الرب لفصل القضاء والإيمان بالصراط وكل ما جاء في الكتاب والسنة.

وفي ذكر الناظم للمنكر والنكير وتحذيره من إنكار وجودهما وإنكار ما يقومان به من مهام بأمر الله عز وجل وهما ملكان من الملائكة إشارةٌ إلى وجوب الإيمان بالملائكة عموماً وبأسمائهم ووظائفهم وأوصافهم وأعدادهم الواردة في الكتاب والسنة إجمالاً فيما أجمل وتفصيلاً فيما فُصل , بل الإيمان بهم ركن من أركان الإيمان وأصل من أصوله العظام.

(ولا الحوض والميزان إنك تنصح) أي ولا تنكرن جهلاً الحوض المورد والذي أعده الله لنبيه ولأمته. وجاء وصف هذا الحوض في السنة أن (طول شهر وعرضه شهر , وماءه أحلى من العسل , وأطيب من ريح المسك , وعدد كيزانه عدد نجوم السماء , من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً) (5)

وأحاديث الحوض متواترة كما ذكر ذلك السيوطي وغيره وذكر أنه مروي عن خمسين صحابيا. وجاء في الحديث (لكل نبي حوض) (6). وفي بعض الأحاديث ذكر صلى الله عليه وسلم (أن بعض الناس يذاد عن هذا الحوض فيقول النبي أصحابي أصحابي فيقال له إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) (7) وهو محمول على من ارتد عن الإسلام ومات مرتدًّا , ومن العجب أن يحمل الروافض هذا الحديث على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم , مع أنهم ومن على شاكلتهم هم المعنيون بهذا الحديث , لأن الصحابة لم يغيروا ولم يحدثوا بعده كما قال تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (الأحزاب23).

وأما الذين بدلوا وحرفوا هم الروافض حتى إنهم حرفوا القرآن وزادوا فيه وأنقصوا. فهم رموا الصحابة بما هم أهله. والشاهد أن الإيمان بالحوض المورود واجب ولا ينكره إلا جاهل بالحديث.

(والميزان) ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالميزان الذي ينصب يوم القيامة (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء47). فتوزن الأعمال والدواوين والأشخاص. وهو ميزان حقيقي له كفتان يوضع على كفه الحسنات ويوضع على كفة السيئات. ومن ذلك حديث البطاقة. والشاهد فيه ذكر الكفتين وهو قوله (فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة) وجاء في بعض الآثار (له لسان وكِفتان) وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما , ذكره أبوالشيخ من طريق الكلبي , ويروي أيضاً عن الحسن , ولم يأت ذكر اللسان في حديث مرفوع. وأحاديث الميزان متواترة , والقرآن مليء بالآيات عن الميزان , وهي موازين تزن بمثاقيل الذر (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة 7 - 8). ويدخل تحت الإيمان بالدواوين وأخذ الكتاب باليمين أو بالشمال من وراء الظهر , وما يتبع ذلك من نعيم أو عذاب , ومن انقسام إلى فرقتين فريق في الجنة وفريق في السعير.

وإن شاء الله غدا البيت الثالث والعشرون

ـــــــــــ

(4) أخرجه مسلم برقم2859

(5) أخرجه البخاري 6579 , ومسلم 2292

(6) أخرجه الترمذي برقم2443 , وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم1589

(7) أخرجه البخاري برقم 6582 , ومسلم 2304

ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 08 - 03, 03:48 ص]ـ

23 - وقُلْ يُخرجُ اللهُ الْعظيمُ بِفَضلِهِ --- مِنَ النارِ أجْساداً مِنَ الفَحْمِ تُطرحُ

هذان البيتان يذكر الناظم رحمه الله فيهما أهل الكبائر من عصاة الموحدين الذين أدخلوا النار بسبب كبائرهم وذنوبهم , وأنهم يخرجون على هذه الهيئة التي ذكر وأنهم يُطرحون على أنهار الجنة فيحيون بمائه وتعود لهم صحتهم وتزدان هيأتهم.

وقد أخذ هذا رحمه الله من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون فيها ولا يحيون. ولكنْ ناس أًصابتهم النار بذنوبهم فأماتتهم إماتةً حتى إذا كانوا فحماً أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائرَ ضبائرَ فبثوا على أنهار الجنة , ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم. فينبتون نباتَ الحِبةِ تكون في حميل السيل) فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان بالبداية. رواه مسلم (1). وقوله (ضبائر) أي جماعات.

وفي الصحيحين عنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار , ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان , فيخرجون منها قد اسودوا فيُلقون في نهر الحياء أو الحياة – شك مالك – فينبتون كما تنبت الحِبة في جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية) (2)

(وقل بخرج الله العظيم بفضله) أي يخرجهم من النار وإنما هو فضل من الله وحتى إذنه للشافع فضل من الله وتشريف له أي للشافع.

(من النار أجساداً من الفحم) لأن النار أهلكتهم وأماتتهم وأحرقتهم حتى صاروا فحماً , والفحم هو الجمر الطافي وهو أسود اللون.

(تطرح) أي يلقون على النهر فالجار والمجرور في قوله (على النهر) متعلق بالفعل المضارع (تطرح).

وإلى اللقاء في البيت الرابع والعشرون

ـــــــــــ

(1) مسلم برقم 185

(2) البخاري برقم22 , ومسلم برقم 184

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير