(2) تقدم تخريجه
(3) أحمد في المسند برقم25025
(4) مسلم برقم 588
ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 08 - 03, 06:37 م]ـ
[ B]26- ولاَ تُكْفِرنْ أَهلَ الصلاةِ وإِنْ عَصَوْا --- فَكُلهُمُ يَعْصِي وذُو العَرشِ يَصفَحُ
هذه الأبيات تشتمل على بيان حكم مرتكب الكبيرة، وهي أول المسائل التي نشبت فيه الخلاف بين فرق الأمة. فنشأت مذاهب الخوارج والمعتزلة والمرجئة، والناظم في هذه الأبيات بين أولا قول أهل السنه القول الحق، ثم ذكر قول الخوارج محذرا منه، ثم ذكر قول المرجئة محذرا منه.
بدا بقول الحق فقال (ولا تكفرن أهل الصلاة وان عصوا ... ) (لا) ناهيه. والمعنى: لا تعتقد كفر أهل الصلاة وان عصوا كما في الحديث (من صلى صلاتنا واكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا) (1) وفي قوله (أهل الصلاة) إشارة إلى كفر تارك الصلاة وأن من لا يصلي فهو كافر ليس بمسلم، والأدلة على كفر تارك الصلاة في الكتاب والسنة كثيرة جدا، قال الله تعالى (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (التوبة11)
و قال تعالى مخبرا أن أصحاب الجحيم (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (المدثر42 - 43)
وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله – رضي الله تعالى عنهما – قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) (2)
و في المسند وغيره عن بريدة – رضي الله تعالى عنه – قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) (3)
و في المسند وغيره عن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله تعالى عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم انه ذكر الصلاة يوما فقال (من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) (4)
وروى الترمذي عن عبدالله بن شقيق قال (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) (5)
(وان عصوا) سواء ارتكبوا كبائر أو صغائر، فلا يجوز تكفيرهم بذلك، فهو رحمه الله يتحدث عن حكم المسلم المصلي إذا ارتكب معاصي دون الكفر فانه لا يكفر ولا يخرج من الدين، إما إذا وقع في الكفر أو الشرك بأمر آخر، إما هنا فالناظم يتكلم عن أهل الصلاة إذا وقع من أحدهم ذنوب دون الشرك بالله فانه لا يجوز تكفيره باتفاق أهل السنة و الجماعة
مادام يعلن إسلامه و لم يأتي بأمر مكفر، أما إذا جاء مكفر فانه يكفر، وفي عامة كتب الفقه يعقد باب حكم المرتد، و فيه تبيين الأمور التي من قالها أو فعلها كفر وارتد عن الإسلام، ولشيخ الإسلام الإمام الجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله رسالة نافعة مختصرة بعنوان (نواقص الإسلام) ذكر فيها أمورا عشرة ينتقض بفعل أي واحد منها الإسلام.
ثم في تكفير المعين لا بد من إقامة الحجة علية فإذا أقيمت عليه الحجة فانه حينئذ يكفره أهل العلم، لأنهم اعلم بأحوال الناس ومن يستحق منهم التكفير ومن لا يستحق، و إما عامة الناس فشانهم الاستفادة من أهل العلم.
والأدلة على أن أهل الصلاة لا يكفرون وان عصوا كثيرة، من ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) (التحريم8) والخطاب للمطيع والعاصي وناداهم جميعا باسم الإيمان، وفي هذا دليل على أن مرتكب الكبيرة ليس بكافر.
وكذلك قوله (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (الحجرات9) والاقتتال من كبائر الذنوب. ومع ذلك سماهم مؤمنين فدل ذلك على أن ارتكاب الكبائر لا يخرج من الملة.
وكذلك قوله تعالى (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ) (البقرة178) و هذه وردت في شأن القتال، فسما القاتل أخا لولي المقتول والاخوة هنا اخوة الدين، فدل ذلك على أن القتل وغيره من كبائر الإثم لا ينتقل به المسلم من الدين.
¥