تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويكون من المتأولين قوم لا يعذرون ولا أجر لهم كما روينا من 0000 سويد بن غفلة قال قال علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول [سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة]

و عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذكر قوما يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحالق هم شر الخلق أو من شر الخلق تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق وذكر الحديث.]

قال أبو محمد الله ففي هذا الحديث نص جلي بما قلنا وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هؤلاء القوم فذمهم أشد الذم وأنهم من شر الخلق وأنهم يخرجون في فرقة من الناس

فصح أن أولئك أيضا مفترقون وأن الطائفة المذمومة تقتلها أدنى الطائفتين المفترقتين إلى الحق فجعل عليه السلام في الافتراق تفاضلا وجعل إحدى الطائفتين المفترقتين لها دنو من الحق وإن كانت الأخرى أولى به ولم يجعل للثالثة شيئا من الدنو إلى الحق

فصح أن التأويل يختلف

فأي طائفة تأولت في بغيتها طمسا لشيء من السنة كمن

1 - قام برأي الخوارج ليخرج الأمر عن قريش

2 - أو ليرد الناس إلى القول بإبطال الرجم

3 - أو تكفير أهل الذنوب

4 - أو استقراض المسلمين

5 - أو قتل الأطفال والنساء

6 - وإظهار القول بإبطال القدر

7 - أو إبطال الرؤية

8 - أو إلى أن الله تعالى لا يعلم شيئا إلا حتى يكون

9 - أو إلى البراءة عن بعض الصحابة

10 - أو إبطال الشفاعة

11 - أو إلى إبطال العمل بالسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الرد لمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم

12 - أو إلى المنع من الزكاة

13 - أو من أداء حق من مسلم أو حق لله تعالى فهؤلاء لا يعذرون بالتأويل الفاسد لأنها جهالة تامة.

وأما من دعا إلى تأويل لا يحل به سنة لكن مثل تأويل معاوية في أن يقتص من قتلة عثمان قبل البيعة لعلي فهذا يعذر لأنه ليس فيه إحالة شيء من الدين وإنما هو خطأ خاص في قصة بعينها لا تتعدى

ومن قام لعرض دنيا فقط كما فعل يزيد بن معاوية ومروان ابن الحكم وعبد الملك بن مروان في القيام على ابن الزبير وكما فعل مروان بن محمد في القيام على يزيد بن الوليد

وكمن قام أيضا عن مروان فهؤلاء لا يعذرون لأنهم لا تأويل لهم أصلا وهو بغي مجرد

وأما من دعا إلى أمر بمعروف أو نهى عن منكر وإظهار القرآن والسنن والحكم بالعدل فليس باغيا بل الباغي من خالفه وبالله تعالى التوفيق

وهكذا إذا أريد بظلم فمنع من نفسه سواء أراده الإمام أو غيره وهذا مكان اختلف الناس فيه

فقالت طائفة إن السلطان في هذا بخلاف غيره ولا يحارب السلطان وإن أراد ظلما كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني أن رجالا سألوا ابن سيرين فقالوا أتينا الحرورية زمان كذا وكذا لا يسألون عن شيء غير أنهم يقتلون من لقوا فقال ابن سيرين ما علمت أن أحدا كان يتحرج من قتل هؤلاء تأثما ولا من قتل من أراد قتالك إلا السلطان فإن السلطان نحوا

وخالفهم آخرون فقالوا السلطان وغيره سواء كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال

1 - أرسل معاوية بن أبي سفيان إلى عامل له أن يأخذ الوهط فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص فلبس سلاحه هو ومواليه وغلمته وقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد

ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار

2 - قال إن عبد الله بن عمرو بن العاص تيسر للقتال دون الوهط ثم قال مالي لا أقاتل دونه وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل دون ماله فهو شهيد

قال ابن جريج وأخبرني سليمان الأحول أن ثابتا مولى عمر بن عبد الرحمن أخبره

2 - قال لما كان بين عبد الله بن عمرو بن العاص وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان وتيسروا للقتال ركب خالد بن العاص هو ابن هشام بن المغيرة المخزومي إلى عبد الله بن عمرو فوعظه فقال له عبد الله بن عمرو بن العاص أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل على ماله فهو شهيد.

قال أبو محمد رحمه الله فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص بقية الصحابة وبحضرة سائرهم رضي الله عنهم يريد قتال عنبسة بن أبي سفيان عامل أخيه معاوية أمير المؤمنين إذ أمره بقبض الوهط ورأى عبد الله بن عمرو أن أخذه منه غير واجب وما كان معاوية رحمه الله ليأخذ ظلما صراحا لكن أراد ذلك بوجه تأوله بلا شك ورأى عبد الله بن عمرو أن ذلك ليس بحق ولبس السلاح للقتال ولا مخالف له في ذلك من الصحابة رضي الله عنهم

وهكذا جاء عن أبي حنيفة والشافعي وأبي سليمان وأصحابهم أن الخارجة على الإمام إذا خرجت سئلوا عن خروجهم فإن ذكروا مظلمة ظلموها أنصفوا

وإلا دعوا إلى الفيئة فإن فاؤوا فلا شيء عليهم وإن أبوا قوتلوا ولا نرى هذا إلا قول مالك أيضا

فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن نرد ما اختلفوا فيه إلى ما افترض الله تعالى علينا الرد إليه إذ يقول تعالى [فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول] النساء 59

ففعلنا فلم نجد الله تعالى فرق في قتال الفئة الباغية على الأخرى بين سلطان وغيره بل أمر تعالى بقتال من بغى على أخيه المسلم عموما حتى يفيء إلى أمر الله تعالى [وما كان ربك نسيا] مريم 64

وكذلك قوله عليه السلام [من قتل دون ماله فهو شهيد] أيضا عموم لم يخص معه سلطانا من غيره

ولا فرق في قرآن ولا حديث ولا إجماع ولا قياس بين من

أريد ماله

أو أريد دمه

أو أريد فرج امرأته

أو أريد ذلك من جميع المسلمين

وفي الإطلاق على هذا هلاك الدين وأهله وهذا لا يحل بلا خلاف وبالله تعالى التوفيق.

المحلى 11/ 98

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير