والواقع أن التوفيق بين هذين الاتجاهين أمر ممكن، وذلك إذا علمنا المقصود من لفظ "التأويل". وبالرجوع إلى معنى التأويل يتبين لنا أنه يُطلق على معنيين:
الأول: بمعنى التفسير، فتأويل الكلام تفسيره، وتوضيح معناه.
الثاني: بمعنى الحقيقة، فتأويل الكلام، الحقيقة التي يؤول إليها. وعلى هذا المعنى جاء قول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله r يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأوَّل القرآن) تعني قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره} رواه البخاري ومسلم.
وبناء على ذلك، نستطيع أن نقول: إن الذين ذهبوا إلى حصر علم التأويل في حقِّ الله تعالى، إنما يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الثاني، أي الحقيقة التي يؤول إليها الغيب، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان؛ لأن حقيقة الغيب لا يعلمها إلا الله.
أما الذين ذهبوا إلى أنه يمكن للعلماء العلم بالتأويل، فإنهم يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الأول، معنى التفسير، وهذا أيضاً لا يختلف فيه اثنان.
ويمكن أن نمثِّل لهذا بمثال يزيد الأمر وضوحاً فنقول: إن صفة العلم التي وَصَفَ الله بها نفسه، وكذلك باقي الصفات، يمكن للعلماء تأويلها، بمعنى تفسيرها، أما تأويلها بمعنى معرفة حقيقة هذه الصفة، أو معرفة حقيقة باقي صفاته سبحانه، فهذا ما لا سبيل لأحدٍ إليه.
ومن المهم أن نعلم في هذا السياق، أن وجود المتشابه في القرآن له فوائد عدة، ذكرها العلماء، من ذلك: الحث على النظر والبحث والتأمل في آيات الله. ومنها إثبات التفاضل والتفاوت في العلم بين العباد، فلو كان القرآن كله محكمًا لاستوت منازل الخلق، ولم يظهر فضل العالم على غيره. ومنها أيضًا ابتلاء العباد بالوقوف عند المتشابه من الآيات دون الخوض في تأويلها، بما لا تحتمله من وجوه التأويل.
وقد ذكر العلماء فوائد أخرى للمحكَم والمتشابه، أعرضنا عنها مخافة الإطالة. وفيما ذكرنا الكفاية إن شاء الله. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين
ـ[مسدد2]ــــــــ[17 - 06 - 03, 10:43 ص]ـ
اود ان ألفت النظر الى أمر كثيرا ما يغفل عنه او لا يدرك بالمرة فلا يذكر مع انه هو الأصل.
هذه الآيات في مطلع سورة آل عمران، ما هو سبب نزولها وورودها؟ لأننا إن عرفنا هذا الامر استطعنا ان نعرف أم الكتاب المقصود (دون حصر، لكن تكون بداية صحيحة).
هذه الآيات نزلت كما ذكرت في مطلع سورة آل عمران عندما ناقش النبي صلى الله عليه وسلم النصارى، وكانت قد دخلت عليهم شبهة ألوهية عيس عليه السلام من حيث انه لا أب له، فردهم الله تعالى الى المحكم الذي هو انه مخلوق من تراب، كان وامه يأكلان الطعام ويمشيان في الاسواق وكلها دلالات قاطعة على بشريته.
فمن كان مخلوقا من تراب هل يعقل ان يكون الها؟ لا جزما. فهذا المحكم.
ماذا لو كان هذا المخلوق قد وجد من غير اب، هل يعني هذا انه إله؟ شبهة، متشابه .. فماذا نفعل؟ نتمسك بالمحكم السابق القاضي بأنه مخلوق لا حول له ولا قوة الا بالله، فنأمن من التردد.
حينما نقول ان كل من كان مخلوقا من تراب ويحتاج الى طعام وخلاء فهو ليس بإله، ما قوة هذا الدليل؟ وهل يمكن احد ان يناقش فيه ويبطله او يحاول الطعن فيه؟ أبدا، ولا من قريبز
فهذه هي أول ام الكتاب، ثم بالقياس كل ما يقال فيه انه ام الكتاب كذلك، يجب ان يكون متماسكا من حيث الدليل و المفهوم كمتاسك دليل عدم الوهية عيس عليه السلام.
والله تعالى اعلم
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[17 - 06 - 03, 10:44 ص]ـ
http://www.islampedia.com/MIE2/ooloom/koran6.html
المحكم والمتشابه
أ- تعريف المحكم والمتشابه
1 - تعريف المحكم.
أ- الإحْكام لغة: الإتقان البالغ، ومنه البناء المحكم الذي أتقن، فلا يتطرق إليه الخلل أو الفساد. أما اصطلاحاً فقد اختلف الأصوليون في تعريفه على أقوال منها:
1 - أن المحكم ما عرف المراد منه، إما بالظهور أو بالتأويل.
2 - أن المحكم لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً.
3 - أن المحكم هو الواضح الدلالة الذي لا يحتمل النسخ.
4 - أن المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان.
5 - أن المحكم هو المتقن الذي لا يتطرق إليه الإشكال.
2 - تعريف المتشابه:
¥