وقال ابن حجر: وهذه اللفظة اشتهرت على الألسنة: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل) حتى نسبها بعضهم للصحيحين ولم يصب، والحديث عند أحمد بهذا اللفظ، وعند الطبراني من وجهين آخرين. انظر فتح الباري 7/ 100 فضائل ابن عباس، ومسند أحمد 1/ 266، ومجمع الزوائد 9/ 279).
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[17 - 06 - 03, 10:41 ص]ـ
http://islamweb.net/pls/iweb/misc1.Article?vArticle=17144&thelang=A
المحكم والمتشابه
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ متشابهات} (آل عمران:7) وقال جل ثناؤه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ} (الزمر:23) وقال أيضاً: {كتاب أحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير} (هود:1).
والمحكم والمتشابه لفظان متقابلان، إذا ذُكِرَ أحدهما استدعى الآخر ضرورة. وهما بحثان رئيسان من أبحاث علوم القرآن، أفاض العلماء القول فيهما، وتفاوتت أنظارهم في تعريفهما وحقيقتهما، وهما كذلك بحثان مهمان من أبحاث أصول الفقه.
والمحكم من حيث اللغة مأخوذ من حَكَمْتُ الدابة وأحكمتها، بمعنى أحكمت وثاقها ومنعتها من التفلُّت والهرب. وإحكام الكلام إتقانه وتمييز الصدق فيه من الكذب.
أما المحكم اصطلاحًا، فقد اختلفت الأنظار في تعريفه، فقال بعضهم: هو ما عُرِفَ المراد منه، وقال آخرون: ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً. وعرَّفه قوم بأنه ما استقلَّ بنفسه، ولم يحتج إلى بيان. ويمكن إرجاع هذه التعاريف إلى معنى واحد، هو معنى البيان والوضوح.
والمتشابه لغة، مأخوذ من الشبه والتشابه، تقول: فلان يشبه فلانًا، أي يماثله، وله من الصفات ما للآخر. وعلى هذا، فتشابه الكلام تماثله وتناسبه، بحيث يصدِّق بعضه بعضًا.
وبناءً على التعريف اللغوي، لكلٍ من المحكم والمتشابه، يتضح أنه لا تنافي بين المحكم والمتشابه من جهة المعنى اللغوي، فالقرآن كله محكم، بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو كذلك متماثل ومتشابه، بمعنى أنه يصدِّق بعضه بعضًا.
أما تعريف المتشابه اصطلاحًا، فعرفه بعضهم بأنه: ما استأثر الله بعلمه، وعرفه آخرون بأنه: ما احتمل أكثر من وجه، وقال قوم: ما احتاج إلى بيان، بردِّه إلى غيره.
ثم إن المتشابه أنواع، فهناك متشابه من جهة اللفظ، وهناك متشابه من جهة المعنى، وهناك متشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا. وتفصيل هذه الأنواع ليس هذا مكانه.
ولابد من الوقوف في هذا المقام عند مسألة طالما بحثها العلماء، تتعلق بقوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} ومنشأ النظر في هذه الآية متَّجه إلى قوله تعالى: {والراسخون في العلم} هل هو كلام مبتدأ ومستأنَف، أم هو معطوف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} ومعلوم أن مكان الوقف في الآية، هو الذي يحدد المعنى ويوجهه.
ولا يُسعفنا المقام للخوض في تفاصيل أقوال أهل العلم في هذه المسألة، لكن حسبنا أن نعلم أنَّ هناك اتجاهان في تفسير الآية، الأول يرى الوقف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} وبالتالي يكون قوله تعالى: {والراسخون في العلم} كلام مبتدأ، والمعنى على هذا: أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم، يؤمنون به كما جاء، ويكِلُون علمه إلى الله سبحانه.
وقد أيَّد أصحاب هذا الاتجاه ما ذهبوا إليه، بما رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: تلا رسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عمران:7) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذرهم).
أما الاتجاه الثاني فيرى أن قوله تعالى: {والراسخون في العلم} معطوف على قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله} وعلى هذا يكون تفسير الآية: أن الراسخون في العلم يعلمون تفسير المتشابه من القرآن. وقد صحح الإمام النووي هذا القول، مستدلاً على ذلك، بأن الله سبحانه يبعد أن يخاطب عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.
¥