مسائل وفصول كثيرة.
والإمامة الكبرى وإن كانت عند أهل السنة والجماعة ليست من أصول الدين التي لا يسع المكلف الجهل بها كما قرره جمع من أهل العلم كالماوردي والغزالي وابن خلدون، إلا أنها واجبة بالإجماع، وهي خلافة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في رعاية الأمة، قال الماوردي في تعريفها: أنها (موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع، وإن شذّ عنهم الأصَمُّّ).
أما الإمامة عند الرافضة فهي أصل تدور عليه أحاديثهم، وترجع إليه عقائدهم، فهي عندهم منصب إلهي كالنبوة، وركن من أركان الدين، وحصروها في عدد من الأئمة المعينين المعصومين، وغيرها من الأحكام الباطلة.
ولا نعلم أن سيد قطب جعلها مثلهم، ولا اعتقد فيها اعتقادهم، وإنما هو أطنب في بيان موضوع الحاكمية، ولا شك أن الإمامة لها ارتباط وثيق بها، ولكن حكم الله دائرته أوسع من ذلك، وحصره في الإمامة وأحكامها غير صحيح، فما من مسلم إلا وله في كل حال وفي كل طور حكم من أحكام الله.
وسيد قطب ركز على هذه القضية كثيراً، لما رأى الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع لله، وإحلال القوانين الوضعية بدلاً عنها، ولا شك أن هذه جرأة عظيمة، ما عهدتها الأمة من قبل، وهي كانت تحتاج مثل هذا التركيز وأكثر.
وسيد قطب ليس بدعاً من العلماء والدعاة الذين لا يسلمون من الخطأ فعنده رحمه الله أخطاء لا تنكر، لكن هذا لا يؤدي إلى الطعن في دعوته ومنهجه، وإلى إسقاط فضله، فخطؤه في بحر فضله مغمور، فله رحمه الله من المواقف والأقوال والكتابات التي تنبئ أنها صدرت عن قلب مليء بحب الله، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب هذا الدين والتضحية في سبيله، وقد أفضى إلى ما قدم رحمه الله رحمة واسعة وأنزله منازل الشهداء. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
ـ[أبو العبدين المصرى السلفي]ــــــــ[12 - 08 - 03, 11:56 ص]ـ
التوحيد في الحاكمية
http://www.saaid.net/Doat/Najeeb/f112.htm
السؤال:
سمعنا كثيراً في السنوات الأخيرة عن مصطلح (توحيد الحاكمية) فما حقيقة هذا التوحيد؟ و ما حكم استعمال هذا المصطلح في الطرح الإسلامي المعاصر؟
الجواب:
أقول مستعيناً بالله تعالى:
لفظ (الحاكميّة) من الألفاظ المولّدة القائمة على غير مثال سابق في اللغة العربية، و أول من استخدمها في خطابه السياسي و الديني هو العلامة الهندي الشهير أبو الأعلى المودودي، ثم أخذها عنه الأستاذ سيد قطب رحمهما الله فبثها في كتاباته كمَعْلَم من معالم العمل الإسلامي الذي جاد بنفسه في الدعوة إليه و التركيز عليه.
هذا عن أصل استعمال (الحاكمية) كلفظٍ في لغة العرب، و قد أصبحت مرادفة للحكم في اصطلاح كثير من المتأخرين، و إذا وقف الأمر عند حد إطلاق هذا المصطلح على المراد الشرعي منه، و هو إفراد الله بالتحكيم و التشريع فلا بأس في ذلك إذ لا مشاحّة فى الاصطلاح كما هو مقرر عند الأصوليين.
و ممّا لا خلاف فيه بين الموحدين قاطبةً وجوب توحيد الله تعالى في التحكيم و الرد إلى شريعته المحكمة المنزلة في كتابه المبين، و سنة نبيّه خاتم المرسلين صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم، قال تعالى: (و لا يشرك في حكمه أحداً) و في قراءة ابن عامر، و هو من القراء السبعة: (و لا تُشرك في حكمه أحداً)، و قال سبحانه: (ألا له الخلق و الأمر)، و قال أيضاً: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون).
فمن أعطى حق التشريع أو الحكم فيما شجر بين الخلق لغير الخالق أو أقر بذلك أو دعا إليه أو انتصر له أو سلّم به دونما إكراهٍ فقد أشرك بالله شركاً أكبر يخرجه من ملة الإسلام، و العياذ بالله.
¥