القول في مسألة الصفات أنا نثبتها لله سبحانه وتعالى من غير تحريف ولاتمثيل ولاتعطيل، فمثلا نقول إن لله يدا على ما يليق بجلاله لاتشبه يد المخلوقين، فآمنا بالنص الوارد وسلمنا من التشبيه والتمثيل والتأويل (التحريف)، قال تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، ليس كمثله شيء، فليس كيده يد، وليس كسمعه سمع، وليس كبصره بصر، وليس كنزوله نزول وليس كمجيئه مجيء ....
والاشتراك في الاسم يكون قبل الإضافة، فإذا قيل مثلا كلمة يد، فيفهم منها العربي معنى معين، وهذا هو المقصود بقول مالك (الاستواء معلوم) أي معلوم ومعروف في لغة العرب، فإذا إضيفت اليد إلى المخلوق وإلى الخالق افترقت الكيفية، فكيفية اليد للمخلوق مثل الانسان معلومة، وأما لله سبحانه وتعالى فإنها غير معقولة، لأنا لانعلم كيفية ذات الله تعالى، فبالتالي لانعرف كيفية صفاته، وهذا معنى قول مالك (والكيف غير معقول).
فيبقى لنا أن نؤمن بما ورد في الكتاب والسنة من صفة اليد لله تعالى كما جاءت نمرها ونقرها بدون تفسير أي تكييف.
يتضح ذلك بأن نقول هل الله موجود أم لا، فالإجابة بأن الله تعالى موجود، فيقال هل وجود الله تعالى مثل وجود المخلوقين، فيقال بل لله تعالى وجود يختلف عن وجود المخلوقين.
فالعربي يفهم معنى الوجود، فلما إضيف للمخلوق دل على معنى معينا ولما إضيف لله تعالى دل على معنى آخر يليق بجلاله تعالى.
ومثل هذا يقال في جميع الصفات الثابتة لله سبحانه وتعالى.
فبهذا نكون قد أمررناها كما جاءت بلغة العرب وأقررنا بها ولم نشبهها أو نعطلها أو نفسر كيفيتها.
سؤالي حول تحديد المعنى المراد، يعني حينما تسأل أحداً ما معنى كلمة كذا لا يقول لك هي ثابتة سؤالي عن المعنى المثبت وفقك الله.
وأين أثبته أبو العباس الطبري
تحديد المعنى كما سبق يقصد به أن لها معنى معينا في لغة العرب التي خاطبنا الله بها، فالسمع والبصر والنزول والمجيء والضحك والعجب وغيرها كلمات عربية معلومة المعنى.
وأستطيع أن أقول إن الجميع ممن يثبت أو ينفي الصفات يقر بهذا ابتداء، ثم يحص الافتراق بينهم بعد ذلك
فلو سألت من يفسر الاستواء بمعنى الاستيلاء لماذا فسرته بذلك لقال لك إن ظاهرها يدل على التشبيه! ولو قلت للجمهمي الذي يعطلها لماذا تعطلها لقال لك إنها تدل على التشبيه، فالجميع فهم معناها، وهذا ما أقصده بقضية المعنى، فالمعنى معلوم من لغة العرب.
أبو العباس الطبري تكلم على أمور عدة ليس من بينها -حسب فهمي- تحديد المعنى.
الذي فهمته من كلام أبي العباس الطبري أمور:
1/تسمية هذه الأيات والأحاديث بالمتشابه ولم يفرق، وهو لازال مشكلاً عليّ.
التسمية بالمتشابه لهذه الآيات تحمل على أمرين: إما أن يقصد بها أنها متشابهة المعنى كما سبق، وإما أن يقصد بها اشتباهها على عدد من الناس ممن لم يفهم معناها كما ينبغي فهم في حقهم من المتشابه، وهذا أمر مقرر عند أهل العلم أن المسألة قد تكون محكمة عند عالم ومشتبهة عند عالم آخر، وروى عبد الرزاق في المصنف (20895) عن معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه رأى رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكارا لذلك، فقال: ما فرق هؤلاء؟!! يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه؟ "
2/أن نصه (مع اعتقاد التنزية ... ولا تشبيه) قريب من ألفاظ المفوضه، خاصة وأن ابن تيمية بين أن الوارد هو التمثيل دون التشبيه كما ذكر لي بعضهم.
3/غاية عبارته (أمروها أقروها) وهي عبارات تسليم بالنص الشرعي وهذا لا خلاف فيه. ألا ترى أن بعض متشابه الأحاديث التي تتكلم عن بعض الأشياء الغيبية الغير مدركة المعنى نمرها كما جاءت.
هنا الإشكال، كيف يقول السلف أمروها كما جاءت ومعناها معلوم لماذا لا يقولون هذا في كل معلوم المعنى!
كون الكلام السابق من الطبري قريب من كلام المفوضة للمعنى غير وارد لأنه قال (ولاتشبيه)
وهذه تنفي تفويض المعنى تماما، فأي فائدة من قوله (ولاتشبيه) إذا قلنا إنه يفوض معناها لله تعالى، فالمفوض يقول نفوض أمرها لله تعالى ولانقول فيها شيئا، ولذلك قالوا (مذهب السلف أسلم!) لأنه لايتعرض للصفات بأي شي لابإثبات ولابنفي.ولاشك في بطلان نسبة هذا الأمر إلى السلف، بل مذهب السلف أسلم وأحكم وأعلم.
¥