ونحن نذكر المذاهب الآن المذاهب المشهورة في الإسلام التي عليها مدار المسلمين في أقطار الأرض، وهي مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد، ومذهب الإمامية، ومن كان المشار إليه من هؤلاء على رأس كل مائة سنة، وكذلك من كان المشار إليه من باقي الطبقات.
وأما من كان قبل هذه المذاهب المذكورة، فلم يكن الناس مجتمعين على مذهب إمام بعينه، [قلت: قارن بين كلامه رحمه الله، والكلام الذي نقلته آنفا عن علماء الفرق البغدادي وابن حزم والاسفرايني] ولم يكن قبل ذلك إلا المائة الأولى، وكان على رأسها من أولي الأمر: عمر بن عبدالعزيز .....
و أما من كان على رأس المائة الثالثة، فمن أولي الأمر: المقتدر بأمر الله، و من الفقهاء: أبو العباس بن سريج من أصحاب الشافعي، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي من أصحاب أبي حنيفة، ..... – [قال المحقق: كذا بياض في الأصل] – من أصحاب مالك، وأبو بكر بن هارون الخلال من أصحاب أحمد، و أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي من الإمامية. .... ) إلى آخر كلامه رحمه الله.
أقول: ومما يؤيد هذا الإشكال الذي حصل لي بسبب كلام ابن الأثير، أن الإمام شمس الحق العظيم آبادي صاحب كتاب عون المعبود قد تعجب من هذه التزكية أشد التعجب بقوله: (قال في مجالس الأبرار: والمراد من تجديد الدين للأمة إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما، وقال فيه: ولا يعلم ذلك المجدد إلا بغلبة الظن ممن عاصره من العلماء بقرائن أحواله، والانتفاع بعلمه، إذ المجدد للدين لا بد أن يكون عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة، ناصرا للسنة، قامعا للبدعة، وأن يعم علمه أهل زمانه، وإنما كان التجديد على رأس كل مائة سنة لانخرام العلماء فيه غالبا، واندراس السنن وظهور البدع، فيحتاج حينئذ إلى تجديد الدين، فيأتي الله تعالى من الخلق بعوض من السلف إما واحدا أو متعددا انتهى. وقال القاري في المرقاة: أي يبين السنة من البدعة، ويكثر العلم، ويعز أهله، ويقمع البدعة، ويكسر أهلها. انتهى.
فظهر أن المجدد لا يكون إلا من كان عالما بالعلوم الدينية، ومع ذلك من كان عزمه وهمته آناء الليل والنهار إحياء السنن ونشرها، ونصر صاحبها، وإماتة البدع ومحدثات الأمور ومحوها، وكسر أهلها باللسان، أو تصنيف الكتب، أو التدريس أو غير ذلك، ومن لا يكون كذلك لا يكون مجددا البتة، وإن كان عالما بالعلوم مشهورا بين الناس، مرجعا لهم.
فالعجب كل العجب من صاحب جامع الأصول أنه عد أبا جعفر الإمامي الشيعي، والمرتضى أخا الرضا الإمامي الشيعي من المجددين، حيث قال: الحديث إشارة إلى جماعة من الأكابر على رأس كل مائة، ففي رأس الأولى عمر بن عبد العزيز، إلى أن قال: وعلى الثالثة المقتدر، وأبو جعفر الطحاوي الحنفي، وأبو جعفر الإمامي وأبو الحسن الأشعري والنسائي، وعلى الرابعة: القادر بالله وأبو حامد الإسفرائيني، وأبو بكر محمد الخوارزمي الحنفي، والمرتضى أخو الرضا الإمامي ... الخ.
وقد ذكره العلامة محمد طاهر في مجمع البحار ولم يتعرض بذكر مسامحته ولم ينبه على خطئه. ولا شبهة في أن عدهما من المجددين خطأ فاحش، وغلط بين، لأن علماء الشيعة وإن وصلوا إلى مرتبة الاجتهاد، وبلغوا أقصى مراتب من أنواع العلوم، واشتهروا غاية الاشتهار، لكنهم لا يستأهلون المجددية. كيف وهم يخربون الدين فكيف يجددون، ويميتون السنن فكيف يحيونها، ويروجون البدع فكيف يمحونها، وليسوا إلا من الغالين المبطلين الجاهلين، وجل صناعتهم التحريف والانتحال والتأويل، لا تجديد الدين، ولا إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة. هداهم الله تعالى إلى سواء السبيل) عون المعبود (11/ 263 – 264).
أقول: ومع ذلك كله فلا يزال الإشكال قائما وهو:
(لماذا يزكي عالم من علماء أهل السنة مثل ابن الأثير رحمه الله؛ ضالا مضلا، وإماما من أئمة الجهل والبدعة وهو: محمد بن يعقوب الرازي الكليني، بل ويعتبره أحد المجددين لشريعة رب العالمين وسنة رسوله الأمين)؟؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
#8 18/ 06/06, 09:33 09:33:48 PM
¥