تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو أردنا أن نأخذ بعضَ الأدلَّة مِن كلام الصوفية على ذلك، فلننظر مثلاً إلى ما كتبه أبو حامد الغزالي -والغزالي كما هو معروف مِن أئمَّة التصوف الكبار- يقول: ' قال علي رضي الله عنه -وهو يتحدث عن العلم اللدني-: إنَّ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أخبر عن الخضر فقال: وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [الكهف:65] وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: أدخلتُ لساني في فمي، ففتح في قلبي ألف بابٍ مِن العلم، مع كلِّ بابٍ ألفُ باب!!

وقال: لو وُضعت لي وسادة، وجلستُ عليها، لحكمتُ لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل القرآن بقرآنهم!! '.

يقول الغزالي: 'وهذه مرتبة لا تُنال بمجرد التعلم الإنساني، بل يتحلى المرء بهذه المرتبة بقوة العلم اللدني ... ' وقال أيضاً: ': 'يُحكى في عهد موسى عليه السلام بأنَّ شرح كتابه أربعون حِملاً، فلو يأذن الله بشرح معاني الفاتحة: لأشرع فيها حتى تبلغ مثل ذلك يعني: أربعين وِقرا!!

وهذه الكثرة والسعة والانفتاح في العلم: لا يكون إلا لدُّنيّاً، إلهيّاً، ثانوياً ' '. [33] انتهى كلام الغزالي.

إذا نظرنا إلى هذه العبر؟ هل يمكن أنْ يقول علي رضي الله عنه هذا الكلام؟ ما معنى: "أدخلتُ لساني في فمي"؟ وأين كان اللسان؟ وانظر إلى ركاكة العبارة، وصياغتها، ثم كيف يحكم علي رضي الله عنه لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم! والله عز وجل قد نسخ هذه الكتب، ونسخ هذه الشرائع؟ وكيف عرف علي رضي الله عنه ذلك، ونحن عندنا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد وغيرهم، والأئمَّة في مواضع كثيرة {أنَّ أحد أصحاب علي رضي الله عنه - وهو أبو جحيفة - قال له: يا أمير المؤمنين! هل خصَّكم رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ مِن العلم؟ فقال علي رضي الله عنه: لا والذي فلق الحبَّة، وبرأ النسمة، ما خصَّنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيءٍ مِن العلم؛ إلا ما في هذه الصحيفة، أو فهماً يؤتاه المرء من كتاب الله عز وجل، فأخرج الصحيفة، فإذا مكتوب فيها: العقل - أي: الديات - وفكاك الأسير، وأن لا يُقتل مسلمٌ بكافر -وفي بعضها-: أنَّ المدينة حَرامٌ}.

فهي وثيقة كتبها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقال: إنَّها مِن الوثائق التي كتبها في معاهدات الصلح، احتفظ بها علي رضي الله عنه.

المهمُّ من ذلك أن علياً رضي الله عنه يُقسِم أنَّ ذلك لم يكن، وهذا دليل على أنَّ الدعوة قديمة قيلت في عهده -رضي الله عنه- وأنَّ عبد الله بن سبأ، والزنادقة الذين كانوا معه مِن اليهود وأمثالهم هم الذين ابتدعوها.

وننظر إلى كتاب طي السجل -وهو أحد مراجع الرفاعي في ردِّه على الشيخ ابن منيع - في صفحة [322] يقول: ' يُروى أنَّ الإمام جعفر الصادق أخذ علم الباطن عن جده لأمِّه الإمام القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم أجمعين- وهو -أي: أبو بكر رضي الله عنه- أخذ -أي: العلم الباطن- عن سيِّدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه! وهو -أي: سلمان - أخذ عن سيِّد المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!!

لكن يقول بعد ذلك: وقد صحَّ أنَّ سلمان تلقَّى علم الباطن عن أمير المؤمنين علي، وهو ابن عمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا فرق إذ الكلُّ راجع إليه صلوات الله عليه وسلامه '.

نقول: ما هو هذا العلم الباطن الذي أخذوه؟ وأين يوجد؟ ولماذا وُضع سلمان بالذات؟

انظر كيف أنَّ الباطنية تضع سلمان هنا؟! لأنَّ أصل هذه الفكرة، سواءً التصوف، أو الباطنية، أو الزنادقة: جاءت مِن الأفكار المجوسيَّة، والوثنيَّة، والهندية، وغيرها.

والرجل الأعجمي الذي كان في عهد النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تلك الديار: هو سلمان رضي الله عنه.

فإذاً فليُجعل هذا هو التُّكئة، وجُعل سلمان عند بعض طرق الباطنية هو الباب أو الحجاب، أو الإمام مستور!! وعند الشيعة هو -أي: سلمان - رضي الله عنه مع أبي ذر، والمقداد، وعلي -هؤلاء الأربعة- هم الوحيدون المسلمون مِن الصحابة!! وإن كان بعضهم يصلهم إلى أكثر مِن هؤلاء الأربعة فيضيف عمَّاراً، وأمثاله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير