تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يؤكد ما هو معروف مِن أنَّ أول مَن وضع ما يسمُّونه [خانقاه]، أو [الرباط] للصوفية هو أحد أمراء "الرملة" النصارى في فلسطين، هو الذي وضع لهم [الخانقاه] هذا أو [الرباط]، ثم انتشرت الأربطة فيما بعد، وهذا الكلام - وهو أنَّ أول مَن بنى الرباط هو أمير نصراني في الرملة -: نقله عبد الرحمن الجاني في كتابه نفحات الأنس صفحة 34، ونقله الدكتور طلعت غنام صفحة 64 في كتاب جهلة الصوفية وعبد الرحمن الجاني يعد مِن الصوفية الذين يقولون بوحدة الوجود، عاش في نهاية القرن التاسع، وله كتاب في وحدة الوجود طبعه الطابعون في مصر مع أساس التقديس للرازي لأنَّ القوم أشاعرة، وصوفية؛ فطبعوا أساس التقديس -كتاب الأشاعرة - وطبعوا معه رسالة الجواهر أو الدرر لعبد الرحمن الجاني في وحدة الوجود، وترجم له الزركلي في الأعلام.

والحديث عن هؤلاء الرجال طويل جداً، ولا أستطيع أن أتحدث عنه بالتفصيل بقدر ما أحاول -إن شاء الله- أن أنقل كثيراً مما نُسب إليهم مِن كرامات، وشركيَّات، وتعلقات بهم، إنما هناك قضية خطيرة ينبغي لي أن أنبِّه عليها وهي تجمع هؤلاء الرجال جميعاً، وتعطينا وصفاً لهم.

هذه القضية: أنَّ رجال الغيب عند الصوفية الموصوفين بهذه الصفات، هم يعيشون بين الناس، وهم رجال مِن البشر، يعيشون بيننا، منهم المعروف، ومنهم المجهول، ومنهم الظاهر للناس، ومنهم المستتر عنهم، بحيث إنَّه يراهم، وهم لا يرونه، ويكاشف متى شاء!! أي: هذه الصفة مشتركة بين هؤلاء الرجال، ولذلك تجد الصوفية -حتى من العوام وغيرهم- يقولون: "فلان يمكن أن يكون ولياً"، "ويمكن أن يكون مِن رجال الغيب فلا تتعرض له ولا تكلمه"!!

كيف وبأي دليل يستدلون على هذا؟!

هنا القضية، وهي: أن هؤلاء الرجال مخالفون في سيرتهم، وفي أحوالهم للشريعة، ولمألوفِ النَّاس، فلا تتصور رجلاً مقيماً في مكان يدرس سنَّة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو عالم مِن العلماء مشتغل بالتفسير، أو بالحديث، أو بالسنَّة أو بالدعوة، أو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو بالجهاد.

لا تتصور أن الصوفية يعتقدون أنَّ هذا مِن رجال الغيب، لا ليس هذا أبداً، القضية: أن هذا الرجل ينبغي أن يكون كما يسمونه "بهلولاً"، "مجذوباً"، يقع على المزابل، يلتقط من القاذورات، ورأينا نماذج مِن هؤلاء في الحرم مِن أقذر الناس، شعورُهم نافرة، وأظافرهم طويلة، وهكذا نجد أشكالاً غريبة جدّاً، خارجة عن المألوف، ويقال: هؤلاء هم "الأولياء"، ربما يكون هذا هو "القطب الأعظم" الذي يدير الكون كلَّه وأنت لا تدري!! وربما يكون مِن "رجال الغوث"، ربما يكون مِن "النجباء"، وربما يكون مِن "الرجبيين"، وربما يكون مِن "الرحمانيين"، وربما يكون على قلب نوح، أو الخليل، وأنت لا تدري!

7 - الأولياء وكيفية عبادتهم

وهنا خطورة كبرى، ومطب كبير أفسدتْ به الصوفية دينَ المسلمين، بل إن سرَّ التصوف يكمُن تحت مثل هذه الأمور.

فلو رجعنا إلى مرجع قديم من مراجع الصوفية، وهو كتاب أبي عبد الرحمن السلمي، من كبار الصوفية المعروفين، مؤلف التفسير الإشاري وحقائق التنزيل كتب كتاباً عن الملامية، أو الملامتية: وهم فرقة الصوفية في المشرق، وهم مِن أوائل الزنادقة الذين أسَّسوا هذه الفكرة، وهي فكرة أن الأولياء مخالفون لظواهر الشرع، ومخالفون لأحوال الناس.

ويقول عن هؤلاء الملامية أو الملامتية، في صفحة [98] مِن كتابه الملامتية، الذي حققه أبو العلا عفيفي، طبع في مصر سنة (1364هـ)، يقول: ' إنَّهم رأوا التديَّن بشيءٍ مِن العبادات في الظواهر شِركاً والتزيَّن بشيء مِن الأحوال في الباطن ارتداداً' يقولون: إن مَن يُظهر شيئاً مِن الطاعات، أو من العبادات فهذا مشرك، وإذا أسرَّ في قلبه شيئاً مِن الأحوال فهو أيضاً مرتد.

ويقولون: إن كلَّ عملٍ وطاعةٍ وقعت عليه رؤيتُك، واستحسنْتَه مِن نفسك فذلك باطل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير