تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العلو للعلي الغفار [جزء 1 - صفحة 250] [جزء 1 - صفحة 251] [جزء 1 - صفحة 252]

القاضي أبو يعلى

574 - قال عالم العراق أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء البغدادي الحنبلي في كتاب إبطال التأويل له لا يجوز رد هذه الأخبار ولا التشاغل بتأويلها والواجب حملها على ظاهرها وأنها صفات لله عزوجل لا تشبه بسائر صفات الموصوفين بها من الخلق قال ويدل على إبطال التأويل أن الصحابة ومن بعدهم حملوها على ظاهرها ولم يتعرضوا لتأويلها ولا صرفها عن ظاهرها فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق لما فيه من إزالة التشبيه

يعني على زعم من قال إن ظاهرها تشبيه قلت المتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولدة ما علمت أحدا سبقهم بها

قالوا هذه الصفات تمر كما جاءت ولا تأول مع إعتقاد أن ظاهرها غير مراد فتفرع من هذا أن الظاهر يعني به أمران أحدهما أنه لا تأويل لها غير دلالة الخطاب كما قال السلف الإستواء معلوم

وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها

يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف

وهذا هو مذهب السلف مع إتفاقهم أيضا أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته

الثاني أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة كما يتشكل في الذهن من وصف البشر فهذا غير مراد

فإن الله تعالى فرد صمد ليس له نظير وإن تعددت صفاته فإنها حق ولكن ما لها مثل ولا نظير فمن ذا الذي عاينه ونعته لنا ومن ذا الذي يستطيع أن ينعت لنا كيف يسمع كلامه والله إنا لعاجزون كالون حائرون باهتون في حد الروح التي فينا وكيف تعرج كل ليلة إذا توفاها بارئها وكيف يرسلها وكيف تستقل بعد الموت وكيف حياة الشهيد المرزوق عند ربه بعد قتله وكيف حياة النبيين الآن وكيف شاهد النبي أخاه موسى يصلي في قبره قائما ثم رآه في السماء السادسة وحاوره وأشار عليه بمراجعة رب العالمين وطلب التخفيف منه على أمته وكيف ناظر موسى أباه آدم وحجه آدم بالقدر السابق وبأن اللوم بعد التوبة وقبولها لا فائدة فيه وكذلك نعجز عن وصف هيأتنا في الجنة ووصف الحور العين فكيف بنا إذا انتقلنا إلى الملائكة وذواتهم وكيفيتها وأن بعضهم يمكنه أن يلتقم الدنيا في لقمة مع رونقهم وحسنهم وصفاء جوهرهم النوراني

فالله أعلى وأعظم وله المثل الأعلى والكمال المطلق ولا مثل له أصلا آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون

575 - وقال القاضي أبو يعلى أيضا بعد أن ذكر حديث الجارية الكلام في هذا الخبر في فصلين أحدهما جواز السؤال عن الله سبحانه بأين هو والثاني جواز الإخبار عنه بأنه في السماء وقد أخبرنا تعالى أنه في السماء فقال أأمنتم من في السماء وهو على العرش وسرد كلاما طويلا لكنه ساق أحاديث ساقطة لا يسوغ أن يثبت بمثلها لله صفة وكان آية في معرفة مذهب الإمام أحمد صنف التصانيف الفائقة وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وكان عالي الإسناد سمع من علي بن عمر الحربي وطائفة وعاش نيفا وثمانين سنة

فتح المجيد [جزء 1 - صفحة 496]

قلت: وهذه الأحاديث وما في معناها تدل على عظمة الله وعظيم قدرته وعظم مخلوقاته وقد تعرف سبحانه وتعالى إلى عباده بصفاته وعجائب مخلوقاته وكلها تعرف وتدل على كماله وأنه هو المعبود لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وتدل على إثبات الصفات له على ما يليق بجلال الله وعظمته إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل وهذا هو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وعليه سلف الأمة وأئمتها ومن تبعهم بإحسان واقتفى أثرهم على الإسلام والإيمان

وتأمل ما في هذه الأحاديث الصحيحة من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ربه بذكر صفات كماله على ما يليق بعظمته وجلاله وتصديقه اليهود فيما أخبروا به عن الله من الصفات التي تدل على عظمته وتأمل ما فيها من إثبات علو الله تعالى على عرشه ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في شئ منها إن ظاهرها غير مراد وأنها تدل على تشبيه صفات الله بصفات خلقه فلو كان هذا حقا بلغه أمينه أمته فإن الله أكمل به الدين وأتم به النعمة فبلغ البلاغ المبين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين وتلقى الصحابة رضي الله عنهم عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ما وصف به ربه من صفات كماله ونعوت جلاله فآمنوا به وآمنوا بكتاب الله وما تضمنه من صفات ربهم جل وعلا كما قال تعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير