تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا إمام الحرمين ترك ما كان ينتحله ويقرره واختار مذهب السلف وكان يقول يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو أني عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به وقال عند موته لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت فيما نهوني عنه والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني وهاأنذا أموت على عقيدة أمي أو قال عقيدة عجائز نيسابور

وكذلك قال أبو عبدالله محمد بن عبدالكريم الشهرستاني أخبر أنه لم يحد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم وكان ينشد ... لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم ... فلم أر إلا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم ...

وابن الفارض من متأخري الاتحادية صاحب القصيدة التائية المعروفة بنظم السلوك وقد نظم فيها الاتحاد نظما رائق اللفظ فهو أخبث من لحم خنزير في صينية من ذهب وما أحسن تسميتها بنظم الشكوك الله أعلم بها وبما اشتملت عليه وقد نفقت كثيرا وبالغ أهل العصر في تحسينها والإعتداد بما فيها من الاتحاد لما حضرته الوفاة أنشد ... إن كان منزلتي في الحب عندكم ... ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي ... أمنية ظفرت نفسي بها زمنا ... واليوم أحسبها أضغاث أحلام

مجموع الفتاوى [جزء 5 - صفحة 32 وما بعدها]

وأما أهل التأويل فيقولون ان النصوص الواردة فى الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل ولكن قصد بها معانى ولم يبين لهم تلك المعانى ولا دلهم عليها ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا فى صرف تلك النصوص عن مدلولها ومقصوده امتحانهم وتكليفهم وإتعاب أذهانهم وعقولهم فى أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه ويعرف الحق من غير جهته وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم فى شىء من ذلك

والذين قصدنا الرد فى هذه الفتيا عليهم هم هؤلاء اذ كان نفور الناس عن الاولين مشهورا بخلاف هؤلاء فانهم تظاهروا بنصر السنة فى مواضع كثيرة وهم فى الحقيقة لا للاسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا

وأما الصنف الثالث وهم أهل التجهيل فهم كثير من المنتسبين الى السنة واتباع السلف يقولون أن الرسول لم يعرف معانى ما أنزل الله اليه من آيات الصفات ولا جبريل يعرف معانى الآيات ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك

وكذلك قولهم فى أحاديث الصفات أن معناها لا يعلمه الا الله مع أن الرسول تكلم بها ابتداء فعلى قولهم تكلم بكلام لا يعرف معناه

وهؤلاء يظنون أنهم اتبعوا قوله تعالى وما يعلم تأويله الا الله فإنه وقف أكثر السلف على قوله وما يعلم تأويله الا الله وهو وقف صحيح لكن لم يفرقوا بين معنى الكلام وتفسيره وبين التأويل الذى انفرد الله تعالى بعلمه وظنوا أن التأويل المذكور فى كلام الله تعالى هو التأويل المذكور فى كلام المتأخرين وغلطوا فى ذلك

فإن لفظ التأويل يراد به ثلاث معان

فالتأويل فى اصطلاح كثير من المتأخرين هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح الى الاحتمال المرجوح لدليل يقتر بذلك فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهره تأويلا على اصطلاح هؤلاء وظنوا أن مراد الله تعالى بلفظ التأويل ذلك وان للنصوص تأويلا يخالف مدلولها لا يعلمه الا الله ولا يعلمه المتأولون

ثم كثير من هؤلاء يقولون تجرى على ظاهرها فظاهرها مراد مع قولهم ان لها تأويلا بهذا المعنى لا يعلمه الا الله وهذا تناقض وقع فيه كثير من هؤلاء المنتسبين الى السنة من اصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم

والمعنى الثانى أن التأويل هو تفسير الكلام سواء وافق ظاهره أو لم يوافقه وهذا هو التأويل فى اصطلاح جمهور المفسرين وغيرهم وهذا التأويل يعلمه الراسخون فى العلم وهو موافق لوقف من وقف من السلف على قوله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون فى العلم كما نقل ذلك عن ابن عباس ومجاهد ومحمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن اسحاق وابن قتيبة وغيرهم وكلا القولين حق باعتبار كما قد بسطناه فى موضع آخر ولهذا نقل عن ابن عباس هذا وهذا وكلاهما حق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير