تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال مالك بن أنس الإمام فيما رواه عنه عبدالله بن نافع وهو مشهور عنه: الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان وقال الإمام أحمد بن حنبل مثل ما قال مالك وما قال ابن المبارك والآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر علماء الأمة بذلك متوافرة عند من نتبعها وقد جمع العلماء فيها مصنفات صغارا وكبارا ومن تتبع الآثار علم أيضا قطعا أنه لا يمكن أن ينقل عن أحد منهم حرف واحد يناقض ذلك بل كلهم مجمعون على كلمة واحدة وعقيدة واحدة يصدق بعضهم بعضا وإن كان بعضهم أعلم من بعض كما أنهم متفقون على الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان فيهم من هو أعلم بخصائص النبوة ومزاياها وحقوقها وموجباتها وحقيقتها وصفاتها ثم ليس أحد منهم قال يوما من الدهر ظاهر هذا غير امراد ولا قال هذه الآية أو هذا الحديث مصروف عن ظاهره مع أنهم قد قالوا مثل ذلك في آيات الأحكام المصروفة عن عمومها وظهورها وتكلموا فيما يستشكل مما قد يتوهم أنه متناقض وهذا مشهور لمن تأمله وهذه الصفات أطلقولها بسلامة وطهارة وصفاء لم يشربوه بكدر ولا غش ولو لم يكن هذا هو الظاهر عند المسلمين لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم سلف الأمة قالوا للأمة الظاهر الذي تفهمونه غير مراد أو لكان أحد من المسلمين استشكل هذه الآية وغيرها فإن كان بعض المتأخرين قد زاغ قلبه حتى صار يظهر له من الآية معنى فاسد مما يقتضي حدوثا أو نقصا فلا شك أن الظاهر لهذا الواقع غير مراد وإذا رأينا رجلا يفهم من الآية هذا الظاهر الفاسد قررنا عنده أولا أن هذا المعنى ليس مفهوما من ظاهر الآية ثم قررنا عنده ثانيا أنه في نفسه معنى فاسد حتى لو فرض أنه ظاهر الآية وإن كان هذا فرض ما لا حقيقة له لوجب صرف الآية عن ظاهرها كسائر الظواهر التي عارضها ما أوجب أن المراد بها غير الظاهر

وأعلم أن من لم يحكم دلالات اللفظ ويعلم أن ظهور المعنى من اللفظ تارة يكون بالوضع اللغوي أو العرفي أو الشرعي إما في الألفاظ المفردة وإما في المركبة وتارة بما اقترن باللفظ المفرد من التركيب الذي يتغير به دلالته في نفسه وتارة بما اقترن به من القرائن اللفظية التي تجعلها مجازا وتارة بما يدل عليه حال المتكلم والمخاطب والمتكلم فيه وسياق الكلام الذي يعين أحد محتملات اللفظ أو يبين أن المراد به هو مجازه إلى غير ذلك من الأسباب التي تعطي اللفظ صفة الظهور وإلا فقد يتخبط في هذه المواضع نعم إذا لم يقترن باللفظ قط شيء من القرائن المتصلة تبين مراد المتكلم بل علم مراده بدليل آخر لفظي منفصل فهنا أريد به خلاف الظاهر ففي تسمية المراد خلاف الظاهر كالعام المخصوص بدليل منفصل وإن كان الصارف عقليا ظاهرا ففي تسمية المراد خلاف الظاهر خلاف مشهور في أصول الفقه

وبالجملة فإذا عرف المقصود فقولنا هذا هو الظاهر أليس هو الظاهر خلاف لفظي فإن كان الحالف ممن في عرف خطابه أن ظاهر هذه الآية مما هو مماثل لصفات المخلوقين فقد حنث وإن كان في عرفه خطابه أن ظاهرها هو ما يليق بالله تعالى لم يحنث وإن لم يعلم عرف أهل ناحيته في هذه اللفظة ولم يكن سبب يستدل به على مراده وتعذر العلم بنيته فقد جاز أن يكون أراد معنى صحيحا وجاز أن يكون أراد معنى باطلا فلا يحنث بالشك وهذا كله تفريع على قوله من يقول إن من حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه حنث وأما على قوله من لم يحنث فالحكم في يمينه ظاهر

وأعلم أن عامة من ينكر هذه الصفة وأمثالها إذا بحثت عن الوجه الذي أنكروه وجدتهم قد اعتقدوا أن ظاهر هذه الآية كاستواء المخلوقين أو استواء يستلزم حدوثا أو نقصا ثم حكوا عن مخالفهم هذا القول ثم تعبوا في إقامة الأدلة على بطلانه ثم يقولون فيتعين تأويله إما بالاستيلاء أو بالظهور والتجلي أو بالفضل والرجحان الذي هو علو القدر والمكانة ويبقى المعنى الثالث هو استواء يليق بجلاله تكون دلالة هذا اللفظ عليه كدلالة لفظ العلم والإدارة والسمع والبصر على معانيها قد دل السمع عليه بل من أكثر النظر في آثار الرسول صلى الله عليه وسلم علم بالاضطرار أنه قد ألقى إلى الأمة أن ربكم الذي تعبدونه فوق كل شيء وعلى كل شيء فوق العرش فوق السموات وعلم أن عامة السلف كان هذا عندهم مثل ما عندهم أن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه لا ينقل عن واحد لفظ يدل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير