ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[19 - 09 - 06, 09:18 م]ـ
المطلب الثالث:
القضايا المتعلقة بالصفات
9 - نفي الجسمية عن الله تعالى
قال المصنف (123): «ولا يجب أن تكون أعراضا لأنه عز وجل ليس بجسم، إنما توجد الأعراض بالأجسام».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «أما القول الثالث وهو القول الثابت عن أئمة السنة المحضة كالإمام أحمد وذويه، فلا يطلقون لفظ الجسم لا نفيا ولا إثباتا لوجهين: أحدهما: أنه ليس مأثورا في كتاب ولا سنة وأثر عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا غيرهم من أئمة المسلمين فصار من البدع المذمومة. الثاني: لأن معناه يدخل فيه حق وباطل، فالذين أثبتوه أدخلوا فيه من النقص والتمثيل ما هو باطل، والذين نفوه أدخلوا فيه من التحريف والتعطيل ما هو باطل» (14). ومن الحق الذي ينفى بهذا اللفظ أنه يشار إليه وأنه يُرى وأن له صفات (15)، وقد اكتفى المحقق هنا بالتنبيه على الوجه الأول نقلا عن ابن تيمية من مصادر أخرى، والأشعري قد نسب النفي إلى أهل السنة في المقالات فخطأه شيخ الإسلام في ذلك (16).
10 - القول بتفويض معنى المتشابه
قال المصنف (166 - 167): «و وجوب العمل بمحكمه والإقرار بنص متشابهه، ورد ما لم يحط به علما بتفسيره إلى الله مع الإيمان بنصه».
أقول: قرر عقيدة التفويض بإثبات المتشابه الذي لا يُعلم معناه، ويجب الإيمان بلفظه، وهذا خلاف عقيدة السلف.
11 - من الصفات التي أثبت نصها دون معناها: الاستواء
قال المصنف (.13): «وأنه تعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه»، ثم ذكر أدلة ذلك دون بيان معنى الاستواء عنده في هذا الموضع، إلا أن الذي لاشك فيه أن الظاهر من هذا الكلام باطل عنده؛ فقد قال في موضع آخر (124): «كما لا يجب أن تكون نفس الباري عز وجل جسما أو جوهرا أو محدودا في مكان دون مكان».
أقول: إن المحقق علق على الموضع الثاني بقوله: «لعله أراد شيئا آخر»، وهو نص صريح في التعطيل ليس فيه احتمال، والموضع الأول ربما أوهم الإثبات، لكنا نقول النص مقدم على الظاهر والمبهم يرد إلى الواضح.
12 - ومنها اليدان
قال المصنف (127): «وأن له يدين مبسوطتين، وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه من غير أن يكونا جوارحا وأن يديه غير نعمتيه».
أقول: أبطل التأويل وقطع ببطلان الظاهر الذي دافعه شبهة التشبيه مع الإيمان بالنص كما ورد، ودون بيان أنها من صفات الذات، فالعبارة السليمة المؤدية للمعنى الصحيح أن لله تعالى يدين تليقان بذاته وبعظمته سبحانه.
13 - تعطيل صفة الكلام وكل الصفات الفعلية الاختيارية
قال المصنف (121 - 122) بعد أن ذكر الصفات السبع ومنها صفة الكلام: «على أن شيئا من هذه الصفات لا يصح أن يكون محدثا إذ لو كان شيء منها محدثا لكان تعالى قبلها موصوفا بضدها، ولو كان ذلك لخرج عن الإلهية …إذ لا يجوز عليه الانتقال من حال إلى حال».
أقول: صرح هنا بنفي الصفات الفعلية جملة بالدليل الذي قدمه – والكلام من ضمنها – وكلمة الحدوث يراد بها الخلق ويراد بها تجدد الفعل، والذي نفاه هنا هو الثاني يوضح ذلك قوله في موضع آخر (125): «وأجمعوا على أن أمره عز وجل غير محدث ولا مخلوق»، لأن العطف يقتضي المغايرة. والصفات الفعلية الاختيارية عند أهل السنة قديمة النوع متجددة الأفراد، لذلك يقولون في الكلام لم يزل متكلما إذا شاء، أما الأشعري وأتباعه فيقولون في الكلام إنه صفة قديمة أزلية غير متعلقة بالمشيئة لأن التجدد عندهم يستلزم التغير وهو من علامة المخلوق، وقد صرح بهذا المعنى الأشعري في الإبانة إذ جعل السكوت آفة ينزه عنها الإله، فالله تعالى عنده لم يزل متكلما، كما لم يزل عالما، والكلام نفسه يقال عن الإرادة والسمع والبصر؛ فإن الأشعري وأتباعه يجعلونها معنى واحدا لا يتجدد أيضا.
14 - تعطيل صفتي المجيء والنزول
قال المصنف (128 - 129): «وليس مجيئه حركة ولا زوالا، وإنما يكون حركة وزوالا إذا كان الجائي جسما أو جوهرا …ألا ترى أنهم لا يريدون بقولهم جاءت زيد الحمى أنها تنقلت إليه وتحركت من مكان كانت فيه إذ لم تكن جسما ولا جوهرا وإنما وجودها …وليس نزوله نُقلة لأنه ليس بجسم ولا جوهر وقد نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند من خالفنا».
أقول: هذا تعطيل صريح فلما أصَّل أن الإله ليس في مكان دون مكان فرع عليه نفي المجيء الذي هو انتقال من مكان إلى آخر وأوله إلى معنى وجوده فيه، وكذلك النزول عنده ليس نزول الذات حقيقة، بل هو كنزول الوحي مع أنه مكتوب في اللوح المحفوظ أو مع أنه معنى قائم بالنفس، والعجب من المحقق كيف يقول هنا: «ذهب أهل السنة إلى ما ذكره الأشعري».
15 - تعطيل صفتي الغضب والرضا
قال المصنف (130): «وأجمعوا على أنه عز وجل يرضي على الطائعين وأن رضاه عنهم إرادته لنعيمهم، وأنه يحب التوابين ويسخط على الكافرين ويغضب عليهم وأن غضبه إرادته لعذابهم …»
أقول: هذا مذهب التعطيل الصريح، والمحقق غفر الله له يقول: «لعله أراد أن يفسر الصفة أو يذكر شيئا من لوازمها؟؟؟».
¥