وَزِيَادٌ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَجَلِيُّ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ ; ; فَجَمَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُغِيرَةِ , فَبَدَأَ عُمَرُ بِأَبِي بَكْرَةَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بَيْنَ رِجْلَيْ أُمِّ جَمِيلٍ , وَهُوَ يُدْخِلُهُ وَيُخْرِجُهُ كَالْمَيَلِ فِي الْمُكْحَلَةِ. قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَهُمَا؟ قَالَ: مُسْتَدْبَرَهُمَا ; قَالَ: فَكَيْفَ اسْتَبَنْت رَأْسَهُمَا؟ قَالَ: تَحَامَلْت ; ثُمَّ دَعَا بِشِبْلٍ فَشَهِدَ مِثْلَ ذَلِكَ ; قَالَ: اسْتَدْبَرْتَهُمَا أَوْ اسْتَقْبَلْتَهُمَا؟ قَالَ اسْتَقْبَلْتُهُمَا. وَشَهِدَ نَافِعٌ مِثْلَ شَهَادَةِ أَبِي بَكْرَةَ ; وَلَمْ يَشْهَدْ زِيَادٌ مِثْلَ شَهَادَتِهِمْ قَالَ: رَأَيْته جَالِسًا بَيْنَ رِجْلَيْ امْرَأَةٍ فَرَأَيْت قَدَمَيْنِ مَخْضُوبَتَيْنِ يَخْفِقَانِ وَاسْتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ ; وَسَمِعْت خَفَرًا شَدِيدًا , قَالَ: أَرَأَيْت كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ الْمَرْأَةَ؟ قَالَ: لَا , وَلَكِنْ أُشَبِّهُهَا ; قَالَ: فَتَنَحَّ ; وَأَمَرَ بِالثَّلَاثَةِ فَجُلِدُوا الْحَدَّ وَقَرَأَ {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ} فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: اشْفِنِي مِنْ الْأَعْبُدِ , فَقَالَ: اُسْكُتْ أَسْكَتَ اللَّهُ نَأْمَتَك ; أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ لَرَجَمْتُك بِأَحْجَارِك " هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ وهو في البيهقي، والمستدرك للحاكم، وعنده أن عمر بن الخطاب َقَالَ لِلْمُغِيرَةِ: وَيْلٌ لَك إنْ كَانَ مَصْدُوقًا عَلَيْك , وَطُوبَى لَك إنْ كَانَ مَكْذُوبًا عَلَيْك , فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ , قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ: هَاتِ مَا عِنْدَك , قَالَ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الزِّنَا مُحْصَنًا , ثُمَّ تَقَدَّمَ أَخُوهُ نَافِعٌ , فَقَالَ: نَحْوَ ذَلِكَ , ثُمَّ تَقَدَّمَ شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَجَلِيُّ , فَقَالَ: نَحْوَ ذَلِكَ , ثُمَّ تَقَدَّمَ زِيَادٌ , فَقَالَ لَهُ: مَا رَأَيْت؟ قَالَ: رَأَيْتهمَا فِي لِحَافٍ , وَسَمِعْت نَفَسًا عَالِيًا , وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ , فَكَبَّرَ عُمَرُ , وَفَرِحَ إذْ نَجَا الْمُغِيرَةُ , وَضَرَبَ الْقَوْمَ الْحَدَّ , إلَّا زِيَادًا انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ)) اهـ.
أرأيت أيها القارئ المُنصف الفرق بين ما جاء في الروايات وبين طريقة كاتب روايات البورنو؟ الذي يتصور كل قصة تاريخية على أنها مشهد جنس ومشروع فضيحة.
ويظهر لنا في هذه القصة أنَّ المرأة التي رأوا المغيرة رضي الله عنه مخالطاً لها عندما فتحت الريح الباب عنهما، إنما هي زوجته ولا يعرفونها، وهي تشبه امرأة أخرى أجنبية كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء، فظنوا أنَّها هي، فهم لم يقصدوا باطلاً، ولكن ظنهم أخطأ وهو لم يقترف إن شاء الله فاحشة لأنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعْظُم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال، وهذا هو اللائق بمقامهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وما الذي يلجأ المغيرة بن شعبة للزنا وهو ممن كان مكثرا من الزواج كما هو حال الحسن بن علي رضي الله عنه يحب الحلال، ولا يحتاج للحرام، يقول عنه الإمام مالك: ((كان المغيرة بن شعبة نكاحا للنساء)) (تهذيب الكمال 28/ 373) يقصد أنه يكثر من الزواج للإحصان.
وتأمل معي فرح عمر بن الخطاب هنا ببراءة المغيرة فهو يدل على محبته لأخيه المسلم أن برأه الله من الوقوع في المعصية، أما إبراهيم عيسى وإخوانه الروافض فيرونه شيئا آخر، فوجوههم تظلم إذا برأ لله صحابيا من اتهام فاحش، والحزن يملؤهم من نجاة المغيرة من هذه التهمة! والقصة كما ترون مختلفة تماما عما يصوره لنا صاحب روايات البورنو الشهيرة (ومنها روايتا: العراة , دم على نهد)!!.
¥