تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: لو أن المؤلف رحمه الله وقف عند ما ذكرنا لأحسن ولكنه لم يقنع بذلك بل سود أكثر من صفحة كبيرة في نقل أقوال من أفتى بالتسليم بأثر مجاهد في تفسير قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال: يجلسه أو يقعده على العرش. بل قال بعضهم: (أنا منكر على كل من رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوء متهم) بل ذكر عن الإمام أحمد أنه قال: هذا تلقته العلماء بقبول إلى غير ذلك من الأقوال التي تراها في الأصل ولا حاجة بنا إلى استيعابها في هذه المقدمة. وذكر في (مختصره) المسمى ب (الذهبية) أسماء جمع آخرين من المحدثين سلموا بهذا الأثر ولم يتعقبهم بشيء هناك. وأما هنا فموقفه مضطرب أشد الاضطراب فبينما تراه يقول في آخر ترجمة محمد بن مصعب العابد عقب قول من تلك الأقوال (ص 126):

(فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الفكر بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر. . .) فأنت إذا أمعنت النظر في قوله هذا ظننت أنه ينكر هذا الأثر ولا يعتقده ويلزمه ذلك ولا يتردد فيه ولكنك ستفاجأ بقوله (ص 143) بعد أن

(ص 16)

أشار إلى هذا الأثر عقب ترجمة حرب الكرماني:

(وغضب العلماء لإنكار هذه المنقبة العظيمة التي انفرد بها سيد البشر ويبعد أن يقول مجاهد ذلك إلا بتوقيف. . .)

ثم ذكر أشخاصا آخرين ممن سلموا بهذا الأثر غير من تقدم فإذا أنت فرغت من قراءة هذا قلت: لقد رجع الشيخ من إنكاره إلى التسليم به لأنه قال: إنه لا يقال إلا بتوقيف ولكن سرعان ما تراه يستدرك على ذلك بقوله بعد سطور:

(ولكن ثبت في (الصحاح) أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم)

قلت: وهذا هو الحق في تفسير المقام المحمود دون شك ولا ريب للأحاديث التي أشار إليها المصنف رحمه الله تعالى وهو الذي صححه الإمام ابن جرير في (تفسيره) (15/ 99) ثم القرطبي (10/ 309) وهو الذي لم يذكر الحافظ ابن كثير غيره وساق الأحاديث المشار إليها. بل هو الثابت عند مجاهد نفسه من طريقين عنه عند ابن جرير. وذاك الأثر عنه ليس له طريق معتبر فقد ذكر المؤلف (ص 125) أنه روي عن ليث بن أبي سليم وعطاء بن السائب وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد). قلت: والأولان مختلطان والآخران ضعيفان بل الأخير متروك متهم

ولست أدري ما الذي منع المصنف - عفا الله عنه - من الاستقرار على هذا القول وعلى جزمه بأن هذا الأثر منكر كما تقدم عنه فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل وهذا يسلتزم نسبة الاستقرار عليه الله تعالى وهذا مما لم يرد فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل ولذلك ترى المؤلف رحمه الله أنكر على من قال ممن جاء بعد القرون الثلاثة: إن الله استوى استواء استقرار) كما تراه في ترجمة (140 - أبو أحمد القصاب). وصرح في ترجمة (161

(ص 17)

البغوي) أنه لا يعجبه تفسير (استوى) ب (استقر). (إنتهى نقلا عن مختصر العلو للألباني)

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة ما نصه:

السلسلة الضعيفة - (ج 2 / ص 364)

865 - " يجلسني على العرش ".

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (2/ 255):

باطل. ذكره الذهبي في " العلو " (55 طبع الأنصار) من طريقين عن أحمد بن

يونس عن سلمة الأحمر عن أشعث بن طليق عن عبد الله بن مسعود قال: بينا أنا

عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ عليه حتى بلغت * (عسى أن يبعثك ربك

مقاما محمودا) * قال: فذكره. و قال الذهبي: " هذا حديث منكر لا يفرح به، و

سلمة هذا متروك الحديث، و أشعث لم يلحق ابن مسعود ". قلت: قد وجدت له طريقا

أخرى موصولا عن ابن مسعود مرفوعا نحوه، و لا يصح أيضا كما سيأتي بيانه برقم (

5160) إن شاء الله تعالى. ثم ذكره الذهبي نحوه عن عبد الله بن سلام موقوفا

عليه و قال: " هذا موقوف و لا يثبت إسناده، و إنما هذا شيء قاله مجاهد كما

سيأتي ". ثم رواه (ص 73) من طريق ليث عن مجاهد نحو حديث ابن مسعود موقوفا

على مجاهد. و كذلك رواه الخلال في " أصحاب ابن منده " (157/ 2)، ثم قال

الذهبي: " لهذا القول طرق خمسة، و أخرجه ابن جرير في " تفسيره "، و عمل فيه

المروزي مصنفا "! ثم رواه (ص 78) من طريق عمر بن مدرك الرازي: حدثنا مكي بن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير