تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لجزمنا أنهم لا يتفقون على عقيدة إلا بعد صحتها عندهم،

لأنهم لا يقبلون في دين الله تعالى إلا ما صح سنده

نعم لو كانت مسألة من مسائل الفقه التي قد اختلفوا فيها لقلنا يسوغ لكل النظر في أسانيدها والترجيح بعد ذلك بين أقوالهم وأدلتهم،

أما مسألتنا هذه فقد حكم السلف الصالح بقبول أثر مجاهد والطعن فيمن رده، ولم يختلفوا فيها.

وأنت تعلم – إن شاء الله – أن مسائل العقيدة ليس فيها اجتهاد – وأن على السلفي اتباع السلف الصالح فيما يعتقدونه فيما اتفقوا عليه، وأنه لا يسعه إلا ما وسعهم، ولهذا جعلوا هذه المسألة في كتب الاعتقاد والتوحيد

فيكيف ترجح بين قولهم وقل الجهمية فتختار ما كان عليه الجهمية.

وقوك: صحة السند،

قد نقضته فيما بعد بقولك: لو صح السند لم يكن عندك مقبولا أيضا؛ لأن متنه منكرا، وفيه نسبة إلى الله تعالى ما لا يجوز نسبته إليه!!!

فلا داعي للكلام على الإسناد، وعن حال الليث بن أبي سليم، وما قال فيه أهل الجرح والتعديل، فهذا مما لا فائدة فيه معك؟

وهو والله لا يعجز أهل السنة وأهل الحديث في هذا الوقت؛

لعلمهم أن سلفهم الصالح لم يصححوه إلا بعد دراسة طويلة لأسانيده وشواهده من الكتاب والسنة، لأنه يتضمن مسألة عظيمة من مسائل التوحيد والعقيدة.

فتكرار كلامك عن صحة الأسانيد وإثباتها إنما هو من الجدال وإطالة الكلام فيما لا يجدي ولا ينفع.

فقد أبنت لنا أخيرًا أن هذا الأثر غير مقبول عندك ولو صح سنده،

ولا أعلم لك سلف في هذا إلا الترمذي الأعجمي الذي اتهمه أهل السنة بالبدعة لرده لهذا الأثر.

وإن كان لك سلف غيره فسمهم لنا، وفقك الله لاتباع السلف الصالح.

وأما أهل السنة الذين قبلوا هذا الأثر وقالوا به فطريقتهم في الاستدلال غير طريقتك، فهم يسيرون في وادٍ، وأنت في واد آخر، والله المستعان

- قال اللالكائي رحمه الله في مقدمة كتابه الاعتقاد الذي يعتبر مرجعًا لأهل السنة (1/ 27) بعد أن ذكر الاحتجاج بالكتاب والسنة وأقول الصحابة

قال: احتججت بها، فإن لم يكن فيها أثر عن صحابي فعن التابعين لهم بإحسان الذين في قولهم الشفا والهدي والتدين بقولهم القربة إلى الله و الزلفى، فإذا رأيناهم قد أجمعوا على شيء عولنا عليه، ومن أنكروا قوله أو ردوا عليه بدعته أو كفروه حكمنا به وأعتقدناه، ولم يزل من لدن رسول الله إلى يومنا هذا قوم يحفظون هذه الطريقة ويتدينون بها وإنما هلك من حاد عن هذه الطريقة لجهله طرق الاتباع .. اهـ

2 - قولك: (الموضوع خلافي أصلا بين أهل السنة)

لو أكملت فقلت: (الموضوع خلافي بين أهل السنة والجهمية)

لأحسنت، ولتمّ الكلام!!

فإن هذه المسألة قد ظهرت في القرن الثاني والثالث الهجري فكان أهل السنة في ذلك الوقت على تلقي هذا الأثر بالقبول والتسليم،

وخالفهم في ذلك الجهمية، ومن أشهرهم الترمذي (الأعجمي) فبُدّع وهُجر وطرد من بلاده بسبب إنكاره لهذا الأثر.

فإن كنت تعلم أن غيره من أهل السنة في ذلك الوقت - لا من الجهمية - خالف في إثبات أثر مجاهد فسمّه لنا، حتى تصدق في قولك: إن المسألة خلافية بين أهل السنة.

3 - قولك: (لا يوجد إجماع على قبوله)

كذا قلت ولم تذكر لنا المخالف، ولا من قال بقولك هذا،

قد حكى غير واحد من أئمة تلقي أهل السنة لهذه الآثار بالقبول والتسليم،

لكن الظاهر أنهم لم يتبين لهم ما ظهر لك، وهذا الغريب!!

أ- قال الإمام أحمد (241هـ): قد تلقّتها العلماء بالقبول، نُسلّم الأخبار كما جاء.

ب- قال أبو بكر بن إسحاق الصَّاغاني (270هـ): قد أتى عليّ نيف وثمانون سنةٍ، ما علمتُ أنَّ أحدًا ردَّ حديث مُجاهد إلا جهميٌّ، وقد جاءت به الأئمة في الأمصارِ، وتلقّته العُلماء بالقبولِ مُنذُ نيفٍ وخمسين ومائة سنة.

ج- قال حمدان بن عليّ أبو جعفر الورَّاق (271هـ): كتبته مُنذ خمسين سَنةٍ، وما رأيتُ أحدًا يردّه إلا أهل البدع. ح- قال عليّ بن داود القَنْطَريّ (272هـ): لقد أتى عليّ أربع وثمانون سنةً ما رأيتُ أحدًا ردَّ هذه الفضيلة إلا جهميٌّ.

خ- قال عبدالله بن أحمد بن حنبل (290هـ): ما رأيت أحدًا من المُحدّثين يُنكره، وكان عندنا في وقتِ ما سمعناه من المشائخ أن هذا الحديث إنّما تُنكره الجهمية.

د- قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ): كان السَّلف والأئمة يروونه ولا يُنكرونه، ويتلَقّونه بالقبول.

فهل أنت أعلم من هؤلاء؟!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير