تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اعتمد الإمام البخاري في كتاب التفسير من جامعه الصحيح عليه كثيراً فذكر عنه كماً هائلاً من الآثار .. وكان بحراً من العلم ومفسر متوسع لا يجارى ولكنه كان يؤول أحياناً في مسائل العقيدة ويخالف السلف والسياق ويكثر من الإسرائيليات الباطلة.

ففي العقيدة: قال في قوله تعالى " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة "

تنتظر الثواب لا يراه من خلقه شيء.

قال ابن كثير: وقد أبعد النجعة وأبطل فيما ذهب إليه.

وفى قوله " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " قال الزيادة مغفرة ورضوان.

وقال الطبري: والسلف - على - أن الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم.

وفى قوله " كونوا قردة خاسئين " قال مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة وإنما هو مثل .. وقال الإمام الطبري وهذا القول الذي قال به مجاهد مخالف لظاهر الآية مع مخالفته للجميع.

وقال عن مائدة بني إسرائيل " إني منّزّلها عليكم " هو مثل لم ينزل عليهم شيء.

وقد حاول البعض توفيق هذه الآثار مع وضوحها.

وفى مخالفة السياق والمعنى القريب المتبادر قال:

في قوله " وإن منكم إلا واردها " قال الحمى.

وفى قوله " الوزن يومئذ الحق " قال الوزن القضاء.

وفى قوله " ينزع عنهما لباسهما " فسر اللباس عنهما بالتقوى.

وفى قوله " وكان له ثمر " قال الثمر ذهب وفضة.

وله آراء فيها مخالفة وتكلف في الأمور المبهمة.

ففي قوله " ولا تقربا هذه الشجرة " قال أنها التينة 0

وقوله " اضربوه ببعضها " قال الذي بين الكتفين.

وقوله " فخذ أربعة من الطير " قال الديك والطاووس والغراب والحمام.

وله آراء كثيرة في الأسماء المبهمة .. وقد ذكر له السيوطي إحدى وسبعين قولاً.

ومن المصادر التي اعتمد عليها الراوية عن أهل الكتاب وقد تساهل في الرواية عنهم مما جعل بعض أصحاب المدارس الأخرى كمدرسة الكوفة يتقون تفسيره.

ومما جاء عنه من غرائب الإسرائيليات:

قال في تفسيره لهم يوسف: حل السروال حتى إليته واستلقت له.

وفى صرح سليمان قال: كان بركة من ماء .. وكانت بلقيس هلباء الشعر قدمها كحافر حمار وكانت أمها جنية ..

وجاء بغرائب في قصة هاروت وماروت وغيرها من القصص.

فهذا هو – رحمه الله – من أكثر التابعين تفسيراً للقرآن وقد جاء بأمور شاذة ومنكرة وآراء مخالفة للسياق القرآني ولأقرانه من السلف الصالح مع أنه كان واسع الإطلاع حافظاً للتفسير مهتماً باللغة والعربية وعلوم القرآن وكان له فيها فضل ..

رابعاً: أن الثابت عن الصحابة وكثير من التابعين كما روى البخاري وكثير من أهل السنة أن الشفاعة هي المقام المحمود، بذلك وردت الآثار عن الصحابة والتابعين وفيه حديث مرفوع عن أبي هريرة قال سئل النبي r عن الآية " عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً " فقال هي الشفاعة وفي رواية فقال: هو المقام الذي أستشفع فيه لأمتي. رواه أحمد والترمذي بسند فيه داود الزعافري وهو ضعيف وله شواهد تحسنه .. ويستقيم الأمر بالحديث المروي في الصحيحين والسنن عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله r : من قال حين يسمع النداء (الآذان) اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة.

خامساً: أن الجمهور من علماء الحديث والتفسير والجهابذة أنكروا هذا الأثر وضعفوا القائلين به .. وعلى رأسهم الإمام أحمد وابن عبد البر والرازي وغيرهم كثير .. وقد نقده الطبري بكلام ذكي فحواه: أنه ليس هناك ما يرده في واقع أمره مع عدم ثبوته عن الرسول أو صحابته ..

وأخيراً نقول إن شر هذا القول يكمن في بلبلة الفكر إزاء تخيل جلوس الرسول على عرش الرحمن .. فيظن السامع أن الله جسم كالأجسام .. ومعلوم أن هذا قول باطل وكل ما يؤدي إلي الباطل فهو باطل مثله ..

ومن أثر مثل هذه الأقوال أيضا الغلو في مكانة النبي r وهو القائل مراراً " لا تطروني .. ولا تخيروني " من باب التواضع لله .. كما كان يشتد غضبه على من يجعله لله نداً .. وظاهر من هذا القول أن فيه شيء من هذا الغلو البين .. وقد جعل الإمام السيوطي في كتابه " الخصائص " رجيع النبي r يختفي في الأرض ولا يظهر لأحد وأن رائحته رائحة المسك، وكلام كثير فيه غلو وأباطيل.

ترى هل معه دليل صحيح على ما يقول؟ نعم فقد ذكر ما روي عن عائشة أنها قالت لرسول الله r: إني أراك تدخل الخلاء ثم يجيء الذي يدخل بعدك فلم ير لما خرج منك أثراً، فقال يا عائشة أما علمت أن الله أمر الأرض أن تبتلع ما خرج من الأنبياء .. وللأسف هو حديث موضوع وقد جاءت روايته من طريقين قال عنهما ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 188): أما الطريق الأول ففيه الحسين بن علوان كذبه احمد ويحيى وقال النسائي وأبو حاتم والدارقطني متروك الحديث وقال ابن عدي كان يضع الحديث، وأما الطريق الثانية فقال الدارقطني تفرد به محمد بن حسان قال أبو حاتم كان كذاباً.

والخلاصة أن هذا الرأي بدعة في الدين وزلة من القول وقع فيها أكابر من علمائنا الكرام وليس أحداً منهم بمعصوم .. وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا خاتم الأنبياء r .. فالواجب ألا نأخذ أي قول في تفسير كتاب الله إلا من العلماء الثقات بعد عرضه على ما صح من السنة النبوية وما جاء عن صحابته الكرام، لنتجنب البدع والمحدثات ..

وقد آثرت نشر هذا المقال لأبين للقراء الكرام أثر الروايات الشاذة في فهم القرآن ومدى تأثيرها في الانحراف العقدي والخلقي ومن ثم تربية جيل لا يعرف من الإسلام إلا حكايات القصاص وروايات البطلة .. نسأل الله أن يبصرنا بالحق وأن يجعلنا عنه باحثين وبه عاملين وإليه داعين ..

والله الهادي إلى سواء السبيل ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير