تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حوار في التصوف]

ـ[لطف الله خوجه]ــــــــ[28 - 01 - 07, 11:34 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:

هذا هو نص الحوار الذي نشر في عكاظ 3/ 6/1427هـ في الدين والحياة، وقد كاد أن يكون كاملا كما صغته، لولا هنات هنا وهناك، من:

- زيادة ليست من كلامي، في بداية جواب السؤال الأول، وهي: [أما من ذمهم فهو يقول].

- وحذف جملة في نهاية من السؤال الثالث، هي: [فهل المتصوفة يقرون بهذا].

- وإعادة صياغة السؤال الثامن.

كل ذلك أحدث اضطرابا وارتباكا في هذه المواضع، وأفقدها شيئا من الانسجام. وأية مقارنة لهذه المواضع بين النص المنشور، والأصل كما سيأتي، تبين هذا الاضطراب وعدم الانسجام.

وقد حصل حذف لمقطعين، وتعديل لبعض الكلمات والجمل، غير أنه لم يضر الموضوع؛ فلذا لم أحفل بذكره هنا، بخلاف الملحوظات السابقة.

وفي كل حال نشكر للصحيفة نشرها للحوار، كما نرجو منها أن تجتنب مثل هذه التعديلات التي تربك الموضوع، خصوصا إذا التزموا عدم التصرف في الموضوع ..

وإليكم نص الحوار كما هو قبل تعديله:

* * *

السؤال الأول: ما حقيقة التصوف، فقد اختلف الناس في ذلك اختلافا كبيرا، فهناك من يثني عليهم، وهناك من يذمهم؟.

من أثنى على التصوف فإنه يقول:

-أن التصوف من الصوف، والصوف شعار الزهد، فالتصوف هو الزهد. وقد نشأ ردة فعل على استغراق الناس في شهوات الدنيا. (هنا زيادة ليست من كلامي، هي: [أما من ذمهم فهو يقول]، أخلت بسياق المعنى).

-أن التصوف هو التزكية وحسن الخلق. فمقصوده العناية بالروح، مقابل من يعتني بالبدن.

لكن المعترضين يقولون غير هذا:

فأما عن النسبة إلى الصوف، فإنهم يقولون: لو كان من الصوف، فلم أعرضوا عن لبسه، فلم يتميزوا به؟. فهذا القشيري يذكر في كتابه: "الرسالة": أن الصوفية لم يختصوا بلبس الصوف.

وهذا صحيح، فالصوفية لم يعرفوا بهذا اللباس، لا قديما ولا حديثا.

وهذه النتيجة (= عدم الاتصال ما بين التصوف والصوف) مؤكدة بأمور، منها:

1 - أن أئمة التصوف أشاروا إلى أن التصوف لم يأخذ اسمه من الصوف؛ أشار إلى هذا القشيري في رسالته، قال: "وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق، والأظهر فيه أنه كاللقب"، وافقه على ذلك الهجويري في كشف المحجوب، ولم يعترض أحد على هذا التقرير.

2 - أن الأئمة المتقدمين، المؤسسين للتصوف، هم الذين في القرن الثالث والرابع، حينما تكلموا عن حقيقة التصوف في جواب: ما هو؟.

لم يذكروا الصوف، إلا في تعريف يتيم أو تعريفين، ضمن ما يزيد على سبعين تعريفا. ولو كان له علاقة به لم يهملوه. نعم بعضهم ذكره، لكن هؤلاء متأخرون، وذكرهم كان في سياق التفسير والتعليل لنشأة التصوف، وليس تعريفا. وقد تقدم أن تفسير التصوف به (=الصوف) باطل، كما في قول القشيري: أن المتصوفة لم يختصوا به.

فهذا عن الصوف ..

أما الزهد، فإن الذي شهد به المتصوفة، كالسهروردي صاحب "عوارف المعارف"، ومن المعاصرين منهم: عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، والتفتازاني شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ومحمد زكي إبراهيم شيخ العشيرة المحمدية في مصر: أن التصوف ليس هو الزهد نفسه، بل شيء آخر، ليس الزهد فيه شرطا. كما ذكر هذا ابن الجوزي، فقال: " التصوف مذهب معروف يزيد على الزهد. ويدل على الفرق بينهما: أن الزهد لم يذمه أحد، وقد ذموا التصوف".

وإذا بطلت العلاقة بالصوف لفظا، وبالزهد معنى مختصا، بطل القول: إن التصوف ردة فعل على استغراق الناس في شهوات الدنيا.

ويزيد هذا تأكيدا: أن التصوف، كطائفة ومذهب، ابتدأ في نهاية القرن الثاني وبداية الثالث. والإقبال على الدنيا بدأ قبل ذلك بمائة وخمسين سنة، منذ اتساع الفتوحات، وجلب الأموال من كل مكان.

أما عن التزكية والخلق .. فهذا موجود في تعريفاتهم بصورة واضحة، لكن السؤال: ما كنه هذا الخلق؟

والباعث على هذا السؤال: هو ما ورد عنهم في هذا المعنى. حيث قالوا: التصوف هو: التخلق بأخلاق الله. وقد ذكَّرَنا هذا بتعريف الفلسفة، حيث قيل فيها: التشبه بالإله على قدر الطاقة.

وقد أفصح ابن عربي عن هذا الاتفاق حين قال: "فاعلم أن التصوف تشبيه بخالقنا".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير