تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما زعمه أن عمر رضي الله عنه لم ينكر على ابنه عبدالله فجوابه: أنه أنكر على جمع من الصحابة فعلوا فعل ابن عمر رضي الله عنهم، فعن المعرور بن سويد الأسدي قال: ((وافيت الموسم مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما انصرف إلى المدينة، وانصرفت معه، صلى لنا صلاة الغداة، فقرأ فيها: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} و {لإيلاف قريش}، ثم رأى أناساً يذهبون مذهباً، فقال: أين يذهبون هؤلاء؟ قالوا: يأتون مسجداً ها هنا صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما أهلك من كان قبلكم بأشباه هذه يتبعون آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبيعاً، ومن أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله، فليصل فيها، ولا يتعمدنَْها)). رواه الطحاوي في (مشكل الآثار) (12/ 544) واللفظ له، وابن أبي شيبة في (المصنف) (2/ 376) وهذا الأثر صحح إسناده ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (1/ 281) والألباني في (تخريج فضائل الشام) (ص49) وقال في (الثمر المستطاب) (1/ 472): وهذا إسناد صحيح على شرط الستة. والحديث صريح في إنكار عمر رضي الله عنه على من فعل ذلك وهذا الإنكار كان أمام جمعٍ من الصحابة، ولا أدري كيف خفي هذا على الشيخ؟ بل لم يخف عليه، فقد سبقت الإشارة إلى أنه قال (ص14): ((وليس مع المانعين سوى حديث موقوف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه)) فهو - غفر الله له - يعرف حديث عمر الذي أنكر فيه على من فَعَلَ فِعْلَ ابنه عبدالله ثم يقول ولم يُنقل عن عمر أنه أنكر على ابنه! ومن نظر في سيرة عمر رضي الله عنه يجدها مُطَّرِدَةً في إنكار مثل هذا الصنيع حتى أنه أمر بقطع الشجرة التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها لما بلغه أنَّ ناساً يأتونها ويصلون عندها. كما في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 375) وقال ابن حجر في الفتح: ((ثم وجدت عند ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر رضي الله عنه بلغه أن قوماً يأتون شجرة فيصلون عندها فتوعدهم ثم أمر بقطعها فقطعت)) أما على رأي الشيخ فإنه تجب المحافظة على الشجرة، ويجوز التبرك عندها كذلك!

قال ابن تيمية كما في (اقتضاء الصراط المستقيم) (2/ 756): ((كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجاً وعماراً و مسافرين ولم ينقل عن أحدٍ منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحباً لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم) وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز ’ الذي عدَّه المؤلف ممن يجيزون التبرك بالمكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق نقله عنه: ((والحق أن عمر رضي الله عنه أراد بالنهي عن تتبع آثار الأنبياء، سد الذريعة إلى الشرك، وهو أعلم بهذا الشأن من ابنه رضي الله عنهما، وقد أخذ الجمهور بما رآه عمر، وليس في قصة عتبان ما يخالف ذلك، لأنه في حديث عتبان قد قصد أن يتأسى به صلى الله عليه وسلم في ذلك، بخلاف آثاره في الطرق ونحوها فإن التأسي به فيها وتتبعها لذلك غير مشروع، كما دل عليه فعل عمر، وربما أفضى ذلك بمن فعله إلى الغلو والشرك كما فعل أهل الكتاب والله أعلم)) (هامش فتح الباري) (1/ 569).

ثم إنَّ عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما كان من شدة تتبعه للنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يقضي حاجته حيث قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك عنه في مسند الإمام أحمد (10/ 294 رقم 6151 بتحقيق الأرنؤوط) و صحيح البخاري (2/ 519 رقم 1668)، فهل كان ذلك منه تبركاً؟!

= أمَّا استشهاده بأقوالٍ لأئمة السلف كمالك وأحمد والبخاري فقد قال - عفا الله عنه - (ص25): ((ومشروعية التبرك بالأماكن النبوية هو مذهب البخاري كما ذكرنا - يعني تبويبه في كتاب الصلاة، باب: المساجد التي على طريق المدينة وسبق الرد عليه - ومذهب البغوي، والنووي، وابن حجر، بل هو مذهب الإمام أحمد ’ وقد استدل الإمام على ذلك بأن الصحابة كانوا يتبركون برمانة المنبر، يتبركون بالموضع الذي مسته يد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب مالك، فقد روى أبو نعيم في الحلية أن هارون الرشيد أراد أن ينقض منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتخذه من جوهر وذهب وفضة فقال له مالك: لا أرى أن تُحرم الناس من أثر النبي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير