18 - زعم أن شيخ الإسلام قال: ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة, وعند الرجوع إلى النص كما بيان تلبس الجهمية (2/ 157) وجدنا أنه ليس من كلام شيخ الإسلام ولكن من قول الدارمي في نقضه على البشر المريسي, وكلام الدارمي ليس موضع تقرير بل هو افتراض، فهو يقول أن الله مستغن عن العرش, وهو سبحانه يفعل ما يشاء ثم ذكر هذا الافتراض. وغير ذلك من المسائل, فهل هذا ما أمد به سعيد فودة السقاف!؟
هل يوثق بعلم وأمانة سعيد فودة؟
قال فودة في كتابه "الموقف" (ص15): ومنهجنا العام .. أولا: الالتزام عند مناقشة أحد المخالفين بذكر كلامه كما أراد هو، ولن نكتفي باقتطاع جزء من عباراته حتى لا يخيل إلى القاريء أننا شوهنا كلامه .. ويعرف أننا لم نظلمه ولم ننسب إليه ما لم يقله ..
قلت: فهل التزم سعيد فودة بما ادعاه؟ إليك البيان:
أولاً: حرف فودة كلام الإمام أبي حنبفة في كتابه "الوصية" في قوله: ونقر بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة واستقر عليه .. فحرف كلامه إلى: واستقرار عليه!
قال فودة في "الفرق العظيم" (ص21): .. ولكن محقق كتاب "الوصية" الأستاذ محمد عوينة، بنشر دار ابن حزم أورد النص كما يلي: نقر بأن الله استوى على العرش من غير أن يكون له حاجة واستقر عليه، مع العلم أنه نفسه قد أورد صورة المخطوطة في مقدمة الكتاب والعبارة واضحة بما لا يقبل الشك كما أثبتناه أعلاه! فهكذا يثبت أتباع السلفية المعاصرة وهم ورثة المجسمة نصوص العلماء, وأنا أتعجب كيف أجاز هذا المحقق لنفسه أن يورد النص هكذا مع وضوح المخطوطة على خلافه! ترى هل يفعلون ذلك ليحرفوا النص ليجعلوه خادماً لعقيدة المجسمة .. والعجيب أنني رأيت نفس التحريف في الطبعة المصرية بنشر المكتبة الأزهرية للتراث, وقد كتبوا على غلافها بتحقيق الكوثري, وأنا أستبعد أن يكون العلامة الكوثري قد ترك هذه العبارة من دون تعليق ونقد قوي ..
قلت: اعترف بتحريفه للنص مع عدم اطلاعه على المخطوطة إلا من الصورة المعروضة في أول كتاب المحقق وطعن في أمانته, وكابر حتى اتهم المكتبة الأزهرية بتعمد التحريف, فهل هذا هو المنهج العلمي لإثبات لفظة أو نفيها؛ وإصدار الأحكام والطعن في النيات من غير تثبت أو تحقيق أو الوقوف على المخطوط؟ فما الفرق بين فودة والسقاف والحبشي في ذلك، فقد استحيى الكوثري أن يحرفها وتجرأ فودة على تحريفها.
ثانياً: زعم المعترض في "كاشفه" (ص39) أن شيخ الإسلام أبطل كل الأدلة العقلية التي اعتمد عليها العلماء من سائر الفرق في إثبات وجود الله؛ فلا يوجد دليل عقلي عند ابن تيمية على وجود الله، كذا قال.
قلت: وهنا أدع الحكم للقاريء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن العجب أن أهل الكلام يزعمون أن أهل الحديث والسنة أهل تقليد ليسوا أهل نظر واستدلال, وأنهم ينكرون حجة العقل, وربما حكي إنكار النظر عن بعض أئمة السنة, وهذا مما ينكرونه عليهم.
فيقال لهم: ليس هذا بحق؛ فإن أهل السنة والحديث لا ينكرون ما جاء به القرآن هذا أصل متفق عليه بينهم, والله قد أمر بالنظر والاعتبار والتفكر والتدبر في غير آية, ولا يعرف عن أحد من سلف الأمة, ولا أئمة السنة وعلمائها أنه أنكر ذلك، بل كلهم متفقون على الأمر بما جاءت به الشريعة من النظر والتفكر والاعتبار والتدبر وغير ذلك, ولكن وقع اشتراك في لفظ "النظر والاستدلال" ولفظ "الكلام"؛ فإنهم أنكروا ما ابتدعه المتكلمون من باطل نظرهم وكلامهم واستدلالهم؛ فاعتقدوا أن إنكار هذا مستلزم لإنكار جنس النظر والاستدلال, وهذا كما أن طائفة من أهل الكلام يسمى ما وضعه أصول الدين, وهذا اسم عظيم والمسمى به فيه من فساد الدين ما الله به عليم. فإذا أنكر أهل الحق والسنة ذلك.
قال المبطل: قد أنكروا أصول الدين, وهم لم ينكروا ما يستحق أن يسمى أصول الدين, وإنما أنكروا ما سماه هذا أصول الدين, وهي أسماء سموها هم وآباؤهم بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان.
¥