تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا التشابه العام: لا ينافي الإحكام العام بل هو مصدق له فان الكلام المحكم المتقن يصدق بعضه بعضا لا يناقض بعضه بعضا بخلاف الإحكام الخاص فانه ضد التشابه الخاص والتشابه الخاص هو متشابهة الشيء لغيره من وجه مع مخالفته له من وجه آخر بحيث يشبه على بعض الناس انه هو أو هو مثله وليس كذلك.

(ثم قال): فمن عرف الفصل بين الشيئين: اهتدى للفرق الذي يزول به الاشتباه والقياس الفاسد وما من شيئين الا ويجتمعان في شيء وفترقان في شيء فبينهما أشتباه من وجه وافتراق من وجه فلهذا كان ضلال بني آدم من قبل التشابه والقياس الفاسد ى ينضبط كما قال الإمام أحمد: أكثر ما يخطيء الناس من جهة التأويل والقياس فالتأويل الخطأ إنما يكون في الألفاظ المتشابهة و القياس الخطأ أنما يكون في المعاني المتشابهة

وقد وقع بنو آدم في عامة ما يتناوله هذا الكلام من أنواع الضلالات حتى آل الأمر الى من يدعى التحقيق والتوحيد والعرفان منهن الى أن اشتبه عليهم وجود الرب بوجود كل موجود فظنوا أنه هو فجعلوا وجود المخلوقات عين وجود الخالق مع أنه لا شيء أبعد عن مماثلة شيء وأن يكون اياه أو متحدا به أو حالا فيه من الخالق مع المخلوق فمن اشتبه عليه وجود الخالق بوجود كلها حتى ظنوا وجودها وجود فهم أعظم الناس ضلالا من جهة الاشتباه.

........................

ومن هداه الله فرق بين الأمور وإن اشتركت من بعض الوجوه وعلم ما بينهما من الجمع والفرق والتشابه والإختلاف وهؤلاء لايضلون بالمتشابه من الكلام لانهم يجمعون بينه وبين المحكم الفارق الذي يبين ما بينهما من الفصل والافتراق.

...................

(ثم قال):وأما حقيقة ما دل عليه ذلك من حقائق الأسماء والصفات وماله من الجنود الذين يستعملهم في أفعاله فلا يعلمهم إلا هو {وما يعلم جنود ربك إلا هو} وهذا من تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله بخلاف الملك من البشر إذا قال: قد أمرنا لك بعطاء فقد علم أنه هو وأعوانه مثل كاتبه وحاجبه وخادمه ونحو ذلك أمروا به وقد يعلم ما صدر عنه ذلك الفعل من اعتقاداته وإراداته ونحو ذلك

والله - سبحانه وتعالى - لا يعلم عباده الحقائق التي أخبر عنها من صفاته وصفات اليوم الآخر ولا يعلمون حقائق ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة

وبهذا يتبين أن التشابه يكون في الألفاظ المتواطئة كما يكون في الألفاظ المشتركة التي ليست بمتواطئة وان زال الإشتباه بما يميز أحد النوعين: من أضافة أو تعريف كما اذا قيل: فيها أنهار من ماء فهناك قد خص هذا الماء بالجنة وظهر الفرق بينه وبين ماء الدنيا

لكن حقيقة ما امتاز به ذلك الماء غير معلوم لنا وهو مع ما أعده الله لعباده الصالحين - مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر - من التأويل الذي لا يعلمه الا الله

وكذلك مدلول أسمائه وصفاته الذي يختص بها التى هي حقيقة لا يعلمها الا هو: ولهذا كان الائمة كالإمام أحمد وغيره ينكرون على الجهمية وأمثالهم - من الذي يحرفون الكلم عن مواضعه - تأويل ما تشابه عليهم من القرآن على غير تأويله كما قال أحمد: في كتابه الذي صنفه في الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله

وانما ذمهم لكونهم تأولوه على غير تأويله وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه وان كان لا يشتبه على غيرهم وذمهم تأولوه على غير تأويله ولم ينفي مطلق لفظ التأويل كما تقدم: من أن لفظ التأويل يراد به التفسير المبين لمراد الله به فذلك لا يعاب بل يحمد ويراد بالتأويل الحقيقة التي استأثر الله بعلمها فذلك لا يعلمه الا هو وقد بسطنا في غير هذا الموضع

ومن لم يعرف هذا: اضطربت أقواله مثل طائفة يقولون إن التأويل باطل وانه يجب إجراء اللفظ ظاهره ويحتجون بقوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} ويحتجون بهذه الآية على إبطال التأويل وهذا تناقض منهم لان هذه الآية تقتضي أن هناك تأويلا لا يعلمه الا الله وهم ينفون التأويل مطلقا

وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها الا هو وأما التأويل المذموم والباطل: فهو تأويل أهل التحريف والبدع الذين يتأولونه على تأويله ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله الى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك ويدعون أن في ظاهره من المحذور ما هو نظير المحذور اللازم فيما أثبتوه بالعقل ويصرفونه الى معان هين نظير المعاني التي نفوها عنه فيكون ما نفوه من جنس ما أثبتوه فإن كان الثابت حقا ممكنا كان المنفي مثله وان كان المنفي باطلا ممتنعا كان الثابت مثله.)

إلى آخر كلامه النفيس في هذه المسألة ..

ـ[أبو البركات]ــــــــ[29 - 10 - 07, 12:08 ص]ـ

كلام ابن سريج بحق الأشعرية وأهل البدع ...

ويوجد إحتمال أن الكلام مذكور والأشعري قد رجع عن الإعتزال ... فقد أشتهر عن الأشعري رجوعه عن الأعتزال وخلع ثوبه من فوق المنبر كما ذكره ابن عساكر: ( ... وانخلعت من جميع ما كنت إعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا وإنخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس فمنها كتاب اللمع وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سماه بكتاب كشف الأسرار وهتك الأستار وغيرهما فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من أهل السنة والجماعة أخذوا بما فيها وانتحلوه وإعتقدوا تقدمه وإتخذوه إماما ... )

فالأشعري في هذه الفترة معروف ومشهور وصاحب مؤلفات وله تلاميذ ...

علما أن الأشعري عند وفاة الإمام ابن سريج كان عمره 46 سنة ... وهذا العمر كان فيه الأشعري يألف الكتب ...

وتوفي الأشعري بعد 18 سنة من وفاة ابن سريج.

فالكلام طالما أنه مشهور عن ابن سريج ... ونقله الأئمة الحافظ عنه بدون نقد ولا تعقب فنفيه دونه خرط القتاد ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير