تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

باطل، بل في كلامهم في الحدِّ والصفات الذاتية والعرضية وأقسام القياس والبرهان وموارده من الفساد ما قد بيناه في غير الموضع (9 - وقد بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حق البيان في المصنفات المفيدة التالية:" الرد على المنطقيين" و" نقض المنطق" و" نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان"و" نقض تأسيس الجهمية" و" درء تعارض العقل والنقل") وقد بين ذلك علماء المسلمين (10 - وللعلماء من أهل السنة والحديث مجهود معتبر في بيان المحدثات وتحذير الأمة من خطرها وسوء عاقبتها، ولهم في ذلك مصنفات أبطلوا فيها مزاعم أهل الكلام والفلسفة ونقضوا شبهاتهم وأقاموا الحجة وبينوا الحجة ومن هذه المصنفات ما تقدم من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب" الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" لابن القيم الجوزية، وكتاب " الغنية عن الكلام وأهله" لأبي سليمان الخطابي، وكتاب" ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان" لابن الوزير، وكتب جلال الدين السيوطي منها:" القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق"و" صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام"و" جهد القريحة في تجريد النصيحة"، ولأبي حامد الغزالي:" تهافت الفلاسفة" و" إلجام العوام عن علم الكلام") " (11 - مجموع الفتاوى لابن تيمية: 9/ 269 - 270).

[جزاء من اتخذ المنطق اليوناني مسلكًا له وميزانا]

هذا، وقد كان جزاء من اتخذ المناهج الفلسفية والطرق المنطقية ميزانًا له ومسلكًا أن أورثهم الله خبطًا في دوامة من الشك والهذيان والحيرة باستبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير المتجلي في الحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاَّ هالك، قال ابن القيم رحمه الله:" لقد استبان-والله- الصبح لمن له عينان ناظرتان، وتبين الرشد من الغي لمن له أذنان واعيان، لكن عصفت على القلوب أهوية البدع والشبهات، فأغلقت أبواب رشدها وأضاعت مفاتيحها، وران عليها كسبها وتقليدها لآراء الرجال، فلم تجد حقائق القرآن والسنة فيها منفذًا، وتمكنت فيها أسقام الجهل والتخليط، فلم تنتفع معها بصالح الغذاء، واعجبا جعلت غذاءها من هذه الآراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم تقبل الاغتذاء بكلام الله ونص نبيه المرفوع" (1 - اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة الجهمية لابن القيم: 63).

[اعترافات أذكياء أهل الكلام المنطق بمضرته وفساد مسالكه]

وقد اعترف كثير ممن تأثَّروا بالمنطق وعلم الكلام- الذين خاضوا بحره وغاصوا أعماقه- بمضار القوالب الفلسفية والمناهج المنطقية التي لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورجعوا إلى طريق الحق والصواب بعد أن أدركوا تناقض المنطق وتهافته أمثال نعيم بن حماد [ت: 229ه] وأبي الحسن الأشعري [ت: 324ه]، وأبي المعالي الجويني [ت: 474ه]، وأبي جامد الغزالي [ت: 505ه] وغيرهم (2 - انظر نماذج من رجوع المتكلمين إلى الحق في: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز: 208 - 209)، وكان الغزالي قد ذم المنطق وأهله، وبيّن أن طريقتهم لا توصل إلى اليقين مفندا البرهان الفلسفي وإظهار قصوره عن الوصول بالإنسان إلى اليقين حال تطبيقه في الإلهيات فقال: " لهم نوع من الظلم في هذا العلم وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم أنها تورث اليقين لا محالة، لكنهم عند الانتهاء إلى المقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط، بل تساهلوا غاية التساهل" (3 - المنقذ من الضلال للغزالي: 93)،كما ذم طريقة المتكلمين وأشار إلى مضار علم الكلام بقوله: " فأما مضرته فإثارة الشبهات، وتحريف العقائد، وإزالتها عن الجزم والتصميم، وذلك مما يحصل بالابتداء ورجوعها بالدليل مشكوك فيه،، ويختلف فيه الأشخاص، فهذا ضرره في اعتقاد الحق، وله ضرر في تأكيد اعتقاد البدعة، وتثبيتها في صدورها، بحيث تنبعث دواعيهم، ويشتد حرصهم عليه، ولكن هذا الضرر بواسطة التعصب الذي يثور من الجدل ... " (4 - إحياء علوم الدين للغزالي: 1/ 97) وجاء عنه -رحمه الله- في كتابه: "إلجام العوام عن علم الكلام" قوله: الدليل على أن مذهب السلف هو الحق، وأن نقيضه بدعة، والبدعة مذمومة وضلالة" (5 - إلجام العوام للغزالي: 66)، وقال في موضع آخر: " إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا محتاجين إلى محاجة اليهود والنصارى في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما زادوا على أدلة القرآن شيئا، وما ركبوا ظهر اللجاج في وضع المقاييس العقلية، وترتيب المقدمات، كل ذلك لعلمهم بأن ذلك مثار للفتن، ومنبع التشويش، ومن لا يقنعه أدلة القرآن لا يقمعه إلا السيف و السّنان فما بعد بيان الله بيان". تلك هي بعض اعترافات من رجعوا إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتمسك بالكتاب والسنة والاعتصام بحبل الله تعالى وعدم التفرق، بعد تيه في بيداء الكلام، وعلمهم أن في طرق المناطقة فسادا كبيرا، والحاصل منها بعد النصب والمشقة خير قليل فهو "كَلَحْمِ جَمَلٍ غَثٍّ على رأسِ جبَلٍ وَعْرٍ، لاَ سَهْلٌ فَيُرْتقى، ولا سَمِينٌ فَيُنْتَقَل" (6 - جزء من حديث أمّ زرع أخرجه البخاري: 9/ 254، في كتاب النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل، ومسلم: 15/ 212، في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب حديث أمّ زرع. قال النووي في شرح مسلم [15/ 213]: " فالمعنى أنه قليل الخير من أوجه منها: كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن، ومنها: أنه مع ذلك غث مهزول رديء، ومنها: أنه صعب التناول لا يوصل إليه إلا بمشقة شديدة، ولا سمبن فينتقل أي إلى بيوتهم ليأكلوه، بل يتركوه رغبة عنه لرداءته" بتصرف)، فرحم الله علماء السنة والحديث في كل عصر ينصرون الحق، ويدعون الناس إليه، مع تأديتهم بواجب النصح وأمانة تبليغ هذا الدين، ودرء تحريف الغالين، وفساد المبتدعين، حتى يكون الدين لله ربّ العالمين.

الجزائر في: 01 ربيع الثاني 1427ه

الموافق ل: 29 أبريل 2006م

إقتباس من موقع الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس

www.ferkous.com

منقول

هدية لشيخنا الحبيب سلطان العميري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير