فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد، فهذا التداخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثيراً ما تجد في كتب الجرح والتعديل -ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر - قولهم عن الرجل: إنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا، ومع هذا لا يعتبرونه معتزلياً أو خارجياً.
وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة؛ وإنما يقال: وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة. [20]
خامساً: قال فضيلة الشيخ الفوزان عن الأشاعرة: [نعم هم من أهل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة وليسوا منهم في باب الصفات].
وهذا سبق قلم من فضيلته، ومثل هذه الدعوى هي التي يهش لها الأشاعرة المعاصرون ويروجونها، لأنه إذا كان الفارق هو الصفات فقط قالوا: إن الخلاف فيها أصله الاجتهاد والكل متفقون على التنزيه فكأنه لا خلاف إذاً! وربما قالوا: نحن مستعدون أن نثبت لله يداً وعيناً وسائر الصفات في سبيل توحيد الصف ووحدة الكلمة!!!
وليكن معلوماً أن ابتداء أمر الأشاعرة أنهم توسلوا إلى أهل السنة أن يكفوا عن هجرهم وتبديعهم وتضليلهم وقالوا: نحن معكم ندافع عن الدين وننازل الملحدين، [21].
فاغتر بهذا بعض علماء أهل السنة وسكتوا عنهم، فتمكن الأشاعرة في الأمة ثم في النهاية استطالوا على أولئك واستأثروا بهذا الاسم دون أهله، وأصبحوا هم يضللون أهل السنة ويضطهدونهم ويلقبونهم بأشنع الألقاب، فحتى لا تتكرر هذه المشكلة وإحقاقاً للحق رأيتُ من واجبي أن أسهم بتفصيل مذهب الأشاعرة في كل أبواب العقيدة؛ ليتضح أنهم على منهج فكري مستقل في كل الأبواب والأصول، ويختلفون مع أهل السنة والجماعة من أول مصدر التلقي حتى آخر السمعيات ما عدا قضية واحدة فقط.
الحواشي
17. ترجمة الرازي: 4/ 426 والآمدي، 6/ 134 من اللسان.
18. انظر فتح الباري: 1/ 46، 3/ 357 ـ 361، 13/ 347 ـ 350.
19. المصدر السابق: 13/ 253، 259، 407 وغيرها كثير.
20. وقد رأينا في واقعنا المعاصر علماء فضلاء وافقوا الاشتراكيين أو الديمقراطيين أو القوميين في أشياء للأسباب نفسها ولم يعدهم أحد اشتراكيين أو قوميين.
21. انظر سير أعلام النبلاء: 15/ 90، مقابلة الأشعري لإمام السنة في عصره " البربهاري " انظر ترجمته في طبقات الحنابلة ورسالته القيمة في السنة، التي ساقها صاحب الطبقات.
((أقول وأنصح الأخوة بقراءة هذا الكتيب للشيخ سفر ولا تظنوا أنه مجلد وهو موجود على الرابط التالي
منهج الأشاعرة في العقيدة
http://www.alhawali.com/index.cfm?me...nt&*******ID=6
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - 02 - 07, 04:39 ص]ـ
جزيت خيراً أخي
ـ[محمد سمير]ــــــــ[20 - 02 - 07, 02:03 م]ـ
هل يوجد كتاب يوضح اسماء العلماء الذين نُسبوا الى الاشاعرة؟
ـ[حليل نعراني]ــــــــ[20 - 02 - 07, 10:49 م]ـ
من أفضل ما قرأت في هذا الموضوع كتاب موقف أبن تيمية من الاشاعرة للدكتور عبد الرحمن المحمود وهو رسالة دكتوراة حيث تحدّث في الجزء الأوّل عن نشأة الأشاعرة وتطور هذا المذهب عبر السنين
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[25 - 02 - 07, 09:40 م]ـ
نعم صدقت أخي حليل
ـ[أبو يحيى المستور]ــــــــ[25 - 02 - 07, 11:09 م]ـ
جزاك الله خيرا يا مقدسي، فقد أزال نقلُك إشكالا كان عندي.
ـ[حرملة بن عبد الله]ــــــــ[26 - 02 - 07, 06:10 ص]ـ
قال الإمام النووي في رسالة الأصول والضوابط:
مذهب أهل الحق: الإيمان بالقدر و إثباته، وأن جميع الكائنات خيرها وشرها بقضاء الله وقدره، و هو مريد لها كلها، ويكره المعاصي، مع أنه مريد لها لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وهل يقال إنه يرضى المعاصي ويحبها؟ فيه مذهبان لأصحابنا: المتكلمين، حكاهما إمام الحرمين وغيره. قال إمام الحرمين في الإرشاد: مما اختلف أهل الحق في إطلاقه المحبة والرضا , فقال بعض أئمتنا: لا يطلق القول بأن الله تعالى يحب المعاصي ويرضاها، لقوله تعالى: ولا يرضى لعباده الكفر, قال: ومن حقق من أئمتنا لم يلتفت إلى تهويل المعتزلة له.
أليس قوله هذا وبالتحديد المُعَلَّمُ منه باللون الأحمر يدلّ على أنه أشعري حيث انتسب إليهم صراحةً، وذكر أنهم أصحابه، وأن ما حكاه الجويني من أقوال الأشعرية هو قول أصحابه؟
و مما يبرهن كذلك على أنه ينتسب إلى الأشاعرة ما ساقه في مقدمة المجموع وفي الروضة.
رحمه الله رحمة واسعة فأين مثله في علومه وفضائله.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[26 - 02 - 07, 06:29 ص]ـ
يا أخي
يقصد بذلك الشافعية المتكلمين، يعني المتكلمين من الشافعية كإمام الحرمين.
وله كلام كثير يخالف فيه الأشاعرة
وله بعض التأويل
هذا هو الإنصاف في الباب. والله أعلم
¥