تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمّا من شذّ من أهل السُّنَّة فداهن حاكمًا بباطل، أو مدحه على معصية بنفاق، فإنه لا يمثِّل فيه سوى نفسه، وأهل السُّنَّة برآء من شذوذه ومخالفته للحقّ والدِّين، فلا يقبلون صنيعَهُ ولا يرضون سلوكه، ومع ذلك يتعقَّبونه بالنصح والتذكير حتى يتبيَّن خطؤه، ثمّ الهجر والتحذير إذا أصرّ على بدعته أو معصيته وأعلن عنها وجاهر بها؛ لأنّ الهجر عقوبة وتأديب، وظهور العقوبة متعلِّق بظهور المعصية. وهجر المجاهر بمعصيته هو هجر للسيِّئات، وما نُهِيَ عنه، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» (22 - أخرجه ابن حبان في «صحيحه»: (196)، وعبد بن حميد في «مسنده»: (338)، والعدَني في «الإيمان»: (26)، وابن منده في «الإيمان»: (318)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة»: (545)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وصححه الألباني في تحقيق كتاب «الإيمان» لابن تيمية (3) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_22')))، ولا يخفى أنّ الهجر يخضعُ لضوابطَ شرعيةٍ تُراعى قبل الإقدام عليه ليكون وَسَطًا بين الإفراط والتفريط، لاندارج مسألةِ الهجر تحت أصلٍ عظيمٍ وهو: «الولاء والبراء» يعادى المبتدع ويبغض بحَسَب ما معه من البدعة والمعصية إذا كانت بدعته غيرَ مكفِّرة، ويوالى ويُحبُّ على ما معه من الإيمان والتقوى، ولا يجوز أن يعادى من كلِّ وجه كالكافر.

هذا، ومن السُّنَّة توقيرُ العلماء وتقديرُهم واحترامُهم، وأنهم بَشَرٌ يخطئون، والواجبُ على المسلم أن يضع ثقتَه فيهم، ويَصُونَ لسانَهُ عن تجريحهم أو ذمّهم، فإنّ ذلك يفقدهم الهيبة ويجعلُهم محلَّ تهمةٍ، وإذا كان الواجب على المسلم أن يتعامل مع الناس بالإحسان مصداقًا، لقوله تعالى: ?وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا? [البقرة: 83]، وقوله تعالى: ?إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ? [النحل: 90]، فيعترف بحقوقهم، ويكفّ الأذى عنهم بعدم ارتكاب ما يضرُّهم أو فعل ما يؤذيهم، فإنّ أهل العلم والإيمان أولى بالبرِّ وإيصال الخير لهم، وكفّ الأذى عنهم والدعاء والاستغفار لهم، وإنفاذ عهدهم فإنّ ذلك من الإحسان، والإحسانُ جزءٌ من عقيدة المسلم وشِقصٌ كبير من إسلامه.

قال الشاعر:

عَوِّدْ لِسَانَكَ قَوْلَ الخَيْرِ تَحْظَ بِه ِ إِنَّ اللِّسَانَ لِمَا عَوَّدْتَ مُعْتَادُ

مُوَكَّلٌ بِتَقَاضِي مَا سَنَنْتَ لَهُفِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ فَانْظُرْ كَيْفَ تَرْتَادُ (23 - «أدب الدنيا والدِّين» للماوردي: (263) (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_23')))

وعلى المرء أن يتبصّر في شؤون دينه ودنياه، ورحم الله امْرَءًا عَرَف قدره، ووقف فيما استشكل عليه عند حدود مستواه، وقيمة كُلِّ امرئ ما يحسنُ، ومِن حُسن إسلامِ المرءِ تركه ما لا يعنيه.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى الله على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلّم تسليمًا.

المصدر http://www.ferkous.com/rep/M21.php

ـ[عبد الله بن سالم]ــــــــ[14 - 02 - 08, 06:54 م]ـ

بارك الله في الشيخ وجزاه خير الجزاء

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير