و أعتذر لإخواني عن قلة مشاركاتي و سرعة كلامي في هذه المسالة، و لكن كما يعلم البعض فجهازي معطل، و أكتب كلامي هذا الآن من جهاز أحد الإخوة الطيبين
و جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[ابو محمد 99]ــــــــ[20 - 04 - 04, 02:13 ص]ـ
من باب المشاركة:
سئل الشيخ محمد بن عثيمين في لقاء الباب المفتوح من قبل احد المدرسين عن وضع مجسمات للمشاعر لتطبيق الحج والعمرة عمليا فأنكر الشيخ هذا الفعل وقال كان هذا يريد ان يجعل الدين طقوس
هذا ما أذكره من معنى كلامه رحمه الله
ـ[عصام البشير]ــــــــ[20 - 04 - 04, 02:07 م]ـ
أخي الفاضل محمد رشيد
أرجو أن تلطف قليلا من أسلوبك في النقاش، فأنا لا أتحمل النقاش المتوتر مع إخوتي من أهل السنة، وأحب أن أدخر ما لدي من حدة للمبتدعة وأضرابهم.
وأراك - يا أخي - قد كبرت المسألة كثيرا، وأدخلت فيها التآمر والمكر لإفساد الدين، وزدت ضغثا على إبالة فقلت:
(ثم يأتي بعض من أهل الملة ممن هم معروفون بالإخلاص لدين الله تعالى ليجيزوا هذا الأمر و هم غافلون عن كونهم لعبوا دور الأداة الرخيصة لتنفيذ مثل هذا المخطط)
أحب - يا أخي - أن تتلطف قليلا، وتتدبر ما تقوله، فإنني لا أظنك تحب أن تُنبز في يوم من الأيام بأنك أداة رخيصة لمخططات أعداء الدين.
أفلا تكره لإخوانك ما تكرهه لنفسك؟
ثم أكرر فأقول: أنا لا أجيز ولا أمنع، لأنني – بكل بساطة – لست أهلا لذلك، لا من جهة العلم الشرعي لا من جهة العلم بالواقع الماليزي. ولكنني أبحث المسألة وأرجو أن أصل إلى وجه الصواب فبها. وقد استفدت من النقاش مع الأخ محمد بن يوسف أمورا، ولا زلت أرجو المزيد.
ثم إنني لم أطلع على فتوى لأحد العلماء بالمنع ولا بالجواز، وعلى فرض وجود مثل هذه الفتوى – كما أفاده بعض الأفاضل - فأحب أن أعرف مدرك القائلين بالمنع، وهل هو سد الذرائع مثلا، أم غير ذلك؟
أما قولك: (أنا لا أدري متى يفرق طلبة العلم بل و بعض المشايخ بين أصل الحكم أو الحكم على صورة المسالة مستقلة، و بين النظر فيما يحيط بصورة المسألة)
فجوابه:
أما عن (متى) فإنني – إن كنت مقصودا بهذا الكلام – أدرك الفرق منذ زمن بعيد. ولو تأملت كلامي آنفا لرأيتني أقول:
((كلامنا هنا في تقرير أصل المسألة، وهل هي شرك أم حرام أم جائزة. فلا ينبغي أن يرد علينا أن الأولى تركها، تجنبا للفتنة العقدية، وسدا للذريعة. إذ هذا هو اختصاص المفتي الذي يقارن المصالح والمفاسد، ويخرج بحكم صالح للتطبيق. أما نحن فنتذاكر مسألة علمية محضة!))
فلم يغب عني التفريق، بل بينتٌ الفرق، ثم دعوت إلى فرق آخر أرجو ألا يعزب عن ذهنك: وهو التفريق بين مقام الفتيا ومقام المذاكرة العلمية.
ففي الأول، يكون المقصود هو الحصول إلى الحكم.
وفي الثاني يكون المقصود هو تحرير المسائل، وحسن تخريج الفروع على الأصول، وتقرير القواعد الكلية، مع تحقيق الفروق والاستثناءات.
فعلى سبيل المثال، ذكر أخونا محمد بن يوسف خلال المذاكرة قاعدة عامة، وهي (أن التدرب على العبادة عبادة)، فتمت مناقشتها، واستفدنا جميعا من ذلك.
أما الحكم النهائي للمسألة، فما أظنه من وظيفة أحد منا.
ولذلك، فأنا أدعوك لأن ترجع إلى تحقيق أصل المسألة، واترك عنك ما دندنتَ حوله من مسألة سد الذرائع إلى الشرك، فذلك أمر معلوم للجميع هنا. ولكن تحقيق مناطه يختلف من واقع إلى آخر.
فرب فعل يكون ذريعة إلى المحرم في مكان أو زمان ولا يكون كذلك في مكان أو زمان آخرين.
ولذلك فأنا أدعوك إلى إثبات ما جزمتَ به بقولك:
(هؤلاء الأعاجم الذين يذهبون ليتعلموا الطواف حول هذا المجسم لن تلبثوا أن تروهم يذهبون و يحجون إلى هذا المجسم ... ).
ولي على هذا القول ملحوظات:
1 - قولك عنهم (الأعاجم) في هذا السياق يشم منه ما لا أحب ذكره. ولا إخالك إلا توافقني إن زعمتُ أن الماليزيين من أشد الشعوب تمسكا بالإسلام، والتزاما بأحكامه. ومن أكثرهم انضباطا خلال أداء مناسك الحج وتأدبا مع الحجاج الآخرين.
وقد رأيت كثيرا من الإخوة يعزون انضباطهم إلى أنهم يتدربون على المناسك جيدا في بلادهم، بخلاف بعض العوام من حجاج بعض البلدان الأخرى - ومنهم بعض العرب -.
2 - هذا التدريب في ماليزيا قائم منذ سنوات عديدة، ولم أسمع قط أن بعض الجهلة قد حج إلى هذا المجسم. ولا أظن ذلك يقع مستقبلا، لأن التعظيم غير وارد عند القوم أصلا. فأرجو منك – يا أخي – أن تثبت كلامك السابق بدليل، أو ما يقرب منه.
3 - أخبرك بما أعرفه عن أهل المغرب، ولا يخفى عليك أن شرك القبور (وغيره) منتشر عندنا بشكل خطير جدا (مثل مصر أو أكثر). فحدث عن المواسم الشركية، والطقوس البجعية ولا حرج.
وعند اقتراب كل موسم حج، تقيم وزارة الأوقاف تدريبا في مقر الوزارة بهذا الشكل المذكور عن أهل ماليزيا.
وأنا أجزم لك جزما يقينيا أن العوام المشاركين في هذه التدريبات، لا يخطر ببالهم أصلا أن يحجوا إلى الوزارة، أو يطوفوا بمجسم الكعبة فيه خارج وقت التدريب، أو يعظموا شيئا من متعلقاته.
وقد يكون بعضهم مستعدا للوقوع في شرك القبور والأحجار والأشجار وغيرها، إن لم يكن واقعا فيه فعلا.
أما (شرك مجسم الكعبة) – إن صح هذا التعبير - فلا ثم لا، لأن التعظيم غير موجود أصلا.
ثم إن قاعدة سد الذرائع تحتاج عند تطبيقها إلى فقه سليم، ونظر سديد. وهذا لا يخفى على مثلك، وأنت الأصولي البارع – فيما أحسب -.
وإلا قلنا في كل مسألة اختلف فيها العلماء بين مبيح ومحرم:
الأولى ترك هذا الفعل سدا للذريعة.
ومن الأمثلة الواضحة:
- وجوب تغطية وجه المرأة سدا لذريعة الافتتان بها (وأنت قائل بالعكس فيما أظن)
- عدم جواز النظر إلى وجه المرأة مطلقا سدا لذريعة الفتنة (وأنت مخالف في هذا فيما أذكر).
- عدم جواز قيادة المرأة للسيارة سدا للذرائع (ولا أدري ما اختيارك في هذه المسألة).
إلى آخر الأمثلة التي لا تكاد تحصر. وقصدي من ذكر الأمثلة السالفة واضح، وإلا فالذي أختاره شخصيا في كل منها لا يهم في بحثنا الراهن.
ومرة أخرى أدعوك إلى مناقشة ما أوردتُه من مذاكرة في أصل المسألة – بقطع النظر عن مسألة سد الذرائع-، لعلنا نستفيد من تحليلاتك الأصولية الجيدة.
وجزاك الله خيرا.
¥