تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذا فإن الاشتغال مثلاً بتعلم وتعليم (الأصول الثلاثة) من آكد المهمات، فيجب على كل مكلف أن يعرف ربه سبحانه وتعالى، ونبيه -صلى الله عليه وسلم- ودينه الإسلام، وهذا ما جاء في حديث جبريل المعروف حيث يتعين على المكلف تحقيقها في دنياه، كما يُسأل عنها حين يوضع في قبره، ويُسأل عنها يوم بعثه ونشره: ماذا كنتم تعبدون، وماذا أجبتم المرسلين؟

الشمولية في تعلم العقيدة وتعليمها:

فلا يقتصر على تقرير مسائل في الاعتقاد مع إهمال نظيرها أو آكد منها كأن يُشتغل مثلاً بتقرير توحيد الربوبية مع إهمال توحيد العبادة، أو يُحذّر من الشرك في الدعاء والذبح والنذر، مع إهمال أو تساهل في شرك الطاعة كما هو مشاهد في واقع كثير من المسلمين الآن.

إن هذه الشمولية تحقق الأخذ بجميع أحكام الشرع، والإيمان بشعائر الدين كافة، قال الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)) [البقرة: 208]، وقال سبحانه: ((والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)) [ال عمران: 7]، وإن هذه الشمولية تورث إيماناً بجميع النصوص الشرعية، وتستلزم وسطية وخيرية بين الطوائف والفرق التي أهملت تلك الشمولية، حيث آمنت تلك الفرق ببعض النصوص وأخذت بها وأنكرت بقية النصوص وأعرضت عنها.

وهذه الشمولية تورث اعتدالاً في التلقي والفهم، فنسلم من ردود الأفعال، ومقابلة الانحراف بانحراف آخر كما هو حال أهل البدع والأهواء.

هكذا نتعامل مع المخالف:

ومع هذه الشمولية في التعلم والتعليم لمباحث الاعتقاد، فإن الانحرافات ظاهرة في حياتنا الحاضرة تستدعي مزيداً من التفصيل في سبيل الرد على هذا الانحراف، وكشف شبهات المخالف وتفنيدها، وهذا مسلك مأثور سلكه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى.

(فقد سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله هل لهم رخصة أن يقول الرجل: كلام الله ثم يسكت (7)، فقال أحمد: ولمَ يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون) (8).

فكان الإمام أحمد وغيره من السلف يعتقدون أن القرآن كلام الله تعالى، ولما أظهر المعتزلة القول بخلق القرآن، لم يجد السلف بداً من مخالفتهم والرد عليهم، والتفصيل في ذلك، فقالوا: القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق فمنه بدأ وإليه يعود.

ومثال آخر: (أن علماء الكوفة القائلين بأن الإيمان قول وعمل أكثر من غيرهم في بقية الأمصار، حيث إن الإرجاء ابتداء كان فيهم أكثر، كما أن التجهم وتعطيل الصفات لما كان ابتداء حدوثه من خراسان، كثر من علماء خراسان ذلك الوقت من الإنكار على الجهمية ما لم يوجد قط لمن لم تكن هذه البدعة في بلده ولا سمع بها) (9).

والناظر إلى واقعنا يرى أنواعاً كثيرة من الانحرافات الظاهرة في باب الاعتقاد، كتولي الكفار وموالاتهم، وانتشار المذاهب الفكرية والأدبية المنحرفة وظهور عدة طواغيت وأرباب من أمثال مجددي ملة (عمرو بن لحي) الداعين إلى عبادة الأوثان والأموات، ودعاة تحكيم القوانين الوضعية والدساتير الأرضية ... وغيرها.

ومع خطر هذه الانحرافات وشناعة أثرها فإن الجهود المبذولة تجاهها قليلة محدودة، وفي المقابل فإن جهوداً كبيرة ومؤلفات كثيرة تصرف في تحصيل حاصل، وتقرير أمور اعتقادية هي محل اتفاق بين المسلمين الآن.

أهمية تحقيق الحدود والتعريفات:

من المعالم المهمة في فهم العقيدة: الاعتناء بالتعريفات، والعلم بحدود ما أنزل الله تعالى على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فعلى المعلم والمتعلم أن يهتما بتحقيق الحدود والتعريفات لمصطلحات الاعتقاد مثل الإيمان والنبوة والمعجزة ... الخ بحيث تكون جامعة مانعة، فلا يدخل فيها ما ليس منها، ولا يخرج منها ما هو داخل فيها، فيتوصل إلى التصور الصحيح لتلك المصطلحات، ومن ثم يعرف ضرورة ما يناقض تلك المصطلحات.

ومن ثم فإن المعرفة الصحيحة لحد الإيمان مثلاً يورث علماً صحيحاً في معرفة حد الكفر الذي يناقض الإيمان، فإذا كان الإيمان قولاً وعملاً، فكذا الكفر قول وعمل، ولما ضل المرجئة في معنى الإيمان فجعلوه تصديقاً فقط أورثهم ذلك ضلالاً آخر عندما حصروا الكفر في التكذيب فحسب.

وهناك جملة من أقوال أهل العلم في بيان أهمية هذا المَعْلَم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير