تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مقالات الشيخ د. عبد العزيز آل عبد اللطيف]

ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[13 - 09 - 05, 10:37 ص]ـ

أحبتي الكرام هذه مجموعة من مقالات الشيخ أنقلها لكم عسى الله أن ينفع بها وإن حصل مني نقص فالأحبة ينقلون ما نقص منها


العبودية لله

قواعد ومسائل

د. عبد العزيز آل عبد اللطيف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين. وبعد:

فهذه جملة قواعد ومسائل مستفادة من كلام أهل العلم في موضوع العبودية لله - تعالى - فإن جميع الرسل - عليهم الصلاة والسلام - من أولهم إلى آخرهم دعوا إلى عبادة الله - تعالى - وحده لا شريك له: ((اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ)) [الأعراف: 59] كما أن الله - عز وجل - قد جعل العبودية وصفاً لأكمل خلقه وأقربهم إليه وهم الأنبياء والملائكة فقال - سبحانه: ((لَن يَسْتَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلَّهِ وَلا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إلَيْهِ جَمِيعاً)) [النساء: 172].

ووصف الله - تعالى - أكرم خلقه عليه وأعلاهم عنده منزلة - بالعبودية في أشرف مقاماته، فقال - تعالى: ((تَبَارَكَ الَذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)) [الفرقان: 1]، وقال - سبحانه: ((سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلَى المَسْجِدِ الأقصى الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) [الإسراء: 1].

وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إحسان العبودية أعلى مراتب الدين، وهو الإحسان، فقال في حديث جبريل - وقد سأله عن الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أخرجه مسلم (1).

يمكن أن نخلص - من خلال هذه المقدمة - إلى قاعدة، وهي:

أن كمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله - تعالى -، فأكرم ما يكون العبد عند الله - تعالى - عندما يكون أعظم عبادة وخضوعاً لله - عز وجل.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله: (كمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله - تعالى -، وكلما ازداد العبد تحقيقاً للعبودية ازداد كماله وعلت درجته) (2).

ويقول في موضع آخر: (والعبد كلما كان أذل لله وأعظم افتقاراً إليه وخضوعاً له، كان أقرب إليه، وأعزّ له، وأعظم لقدره، فأسعد الخلق: أعظمهم عبودية لله، وأما المخلوق فكما قيل: احتجْ إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره. فأعظم ما يكون العبد قدراً وحرمة عند الخلق إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، فإن أحسنت إليهم مع الاستغناء عنهم، كنت أعظم ما يكون عندهم، ومتى احتجت إليهم - ولو في شربة ماء - نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم، وهذا من حكمة الله ورحمته، ليكون الدين كله لله ولا يُشرَك به شيء) (3).

وها هنا قاعدة أخرى، وهي:

أن حاجة الإنسان وضرورته إلى عبادة الله - تعالى - فوق كل حاجة وضرورة.

يقول ابن تيمية - في هذا الصدد: (اعلم أن فقر العبد إلى الله أن يعبد الله لا يشرك به شيئاً، ليس له نظير فيقاس به، لكن يشبه من بعض الوجوه حاجة الجسد إلى الطعام والشراب، وبينهما فروق كثيرة.

فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، وهي لا صلاح لها إلا بإلهها، الله الذي لا إله إلا هو فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره، وهي كادحة إليه كدحاً فملاقيته، ولا بد لها من لقائه، ولا صلاح لها إلا بلقائه.

ولو حصل للعبد لذّات أو سرور بغير الله فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوع إلى نوع، ومن شخص إلى شخص، وتارة أخرى يكون ذلك الذي يتنعم به والتذ به غير منعم له ولا ملتذ به، بل قد يؤذيه اتصاله به ووجوده عنه، ويضره ذلك. وأما إلهه فلا بد له منه في كل حال وكل وقت، وأينما كان فهو معه ... ) (4).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير