[رسالة الإفراط في تفطير الوافدين لأحد طلبة العلم]
ـ[ابا الوليد النجدي]ــــــــ[13 - 09 - 05, 11:19 م]ـ
هذه رسالة لأحد طلبة العلم، والتي لم يتم طبعتها حتى الان، ولقد اطلعت عليها من قريب، وأحببت أن يقرأها أخوتي من طلب العلم، والمشائخ الكرام في هذا المنتدى المبارك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الإفراط في تفطير الوافدين
الحمد له رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإنه قد ظهر في زماننا هذا ظاهرةُ تفطير العمالة الوافدة في شهر رمضان، وقد تتابع الناس على استحسانه، وجعله من أجل القربات، وأعظم الطاعات، وهذا مما لا يرتاب فيه عاقل، ولا يشك فيه مميزُ الحق من الباطل، أنه عمل جليل، وفاضل في أصله.
ولكن لما خالط ذلك الأمر وهو تفطيرُ هؤلاء الوافدين، من إهمالٍ لبعض ذوي القربى، التي هي عند الموازنة أجل وأعظم عند الله من الإفراط في تفطير هؤلاء الوافدين.
ثم إن هؤلاء الوافدين ليسوا على حدٍ سواء، فمنهم من يُرضى دينه وخلقه، فبتفطيره يتقوى على العبادة في هذا الشهر العظيم، وهذا الصنف منهم حقٌ علينا إفطاره إذا كان لا يجد ما يسد به حاجته، ويتحقق فيه ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال: " في كل كبدٍ رطبةٍ أجر ".
ومنهم من لا يُرضى دينه ولا خلقه، فبتفطيره يتقوى على المعاصي والذنوب في هذا الشهر العظيم، وهذا الصنف منهم هو بيت القصيد، وهو ما ندندن حوله؟ في هذه الرسالة، وهو ما يشغل ذوي الألباب العاقلة، ومن أوتي فهم السنة والكتاب.
فتفطير هؤلاء فيه نظر كبير لا يخفى!؟ ولو صُرف في غيرهم من قريبٍ محتاج، أو متعففٍ لا يعرفهُ الجُهال، أو يتيمٍ لم تلتفت إليه الأنظار، أو أرملةٍ فقدت الأنيس والأولاد، أو مسكينٍ لم يفطن له التجار، لكان أحسن وأولى من صرفها فيمن يتقوى بفطره على معصية العزيز الجبار، لأنه يُخشى من صرفها لهذا الصنف التبعة والآثام!.
ثم إن هذه المسألة؟ قد جاء في فضل ناسكها فضلٌ عظيم، وهو حديث زيد بن خالد الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم:" من فطر صَائِمًا كان لَهُ مثل أَجْرِهِ غيرَ أنه لا ينقص من أجر الصائم شَيْئًا ".
وهذا الحديث أخرجه الترمذي (807) , وأحمد في "مسنده " (17033) , والنسائي في "الكبرى" (3331) وابن ماجه (2759)، والبيهقي في السنن 4/ 240 من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء ابن أبي رباح عن زيد بن خالد الجهني، وهذا الإسناد فيه انقطاع، لأن عطاء بن أبي رباح لم يصح له سماع من زيد بن خالد الجهني، قاله علي بن المديني في كتابه "العلل" ص 139.
وجاء عند النسائي في " السنن الكبرى " (3333) من طريق حسين المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة موقوفاً، وقد خالف حسين المعلم الرواة عن عطاء بن أبي رباح وهم سته، بجعله من مسند عائشة رضي الله عنها وقد وهم في ذلك، وإنما الصحيح جعله من مسند زيد بن خالد الجهني.
وجاء عند عبد الرزاق في "المصنف" (7905) من طريق بن جريج عن صالح بن نبهان مولى التوأمة سمعت أبا هريرة رضي الله عنه به. وآفة هذا الأثر تدليس بن جريج وهو مكثر منه، ومن قواعد المحدثين فيمن كثر تدليسهُ أن يصرح بالتحديث، كما هو منهج علي ابن المديني ويعقوب بن أبي شيبه ومسلم وغيرهم من الحفاظ، وابن جريج لم يصرح هنا بالتحديث؛ وقد تُكلم في صالح بن نبهان مولى التوأمة إلا أن الإمام أحمد قال: فيه مَالِكٌ أدرك صالحاً، وقد اختلط وهو كبير، وما أعلم به بأساً من سمع منه قديما، ً فقد روى عنه أكابر أهل المدينة. وفي رواية: عباس الدوري عن ابن معين أنه قال: ثقة وقد كان خرف قبل أن يموت فمن سمع منه قبلُ فهو ثبت. وقال ابن المديني: ثقة إلا أنه خرّف وكبر فسمع منه الثوري بعد الخرف. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 2/ 303، وابن جريج ممن سمع منه قبل الاختلاط وهو من قدماء أصحابه، وقال ابن عدي: لا بأس به إذا روى عنه القدماء مثل ابن أبي ذئب وابن جريج. انظر: الجرح والتعديل 4/ 1830, تاريخ البخاري الكبير 4/ 291, تهذيب التهذيب 4/ 406.
¥