تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل الملل صفة من صفات الله تعالى؟]

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - 09 - 05, 03:12 ص]ـ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...

ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بما تطيقون، فوالله؛ لا يمل الله حتى تملوا)). رواه البخاري (43)، ومسلم (785)

وفي رواية لمسلم: ((فوالله؛ لا يسأم الله حتى تسأموا)).

قال أبو إسحاق الحربي في ((غريب الحديث)) (1/ 338): ((قوله: ((لا يَمَلُّ الله حتى تملوا)): أخبرنا سلمة عن الفراء؛ يقال: مللت أمَلُّ: ضجرت، وقال أبو زيد: ملَّ يَمَلُّ ملالة، وأمللته إملالاً، فكأنَّ المعنى لا يملُّ من ثواب أعمالكم حتى تملُّوا من العمل)) اهـ.

وقد اختلف أهل العلم هل يؤخذ من هذا الحديث إثبات صفة الملل لله عز وجل أم لا؟ ودونك أقوالهم:

القول الأول: يتفاد من هذا الحديث إثبات ملل يليق بالله تبارك وتعالى، على وجه المقابلة مثل الاستهزاء والمكر.

1 - قال ابن عبد البر ((وقد بلغني عن ابن القاسم أنه لم ير بأسا برواية الحديث إن الله ضحك؛ وذلك لأن الضحك من الله والتنزل والملالة والتعجب منه ليس على جهة ما يكن من عباده)) [التمهيد]

2 - قال الشيخ محمد بن إبراهيم في ((الفتاوى والرسائل)) (1/ 209): ((((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا)): من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه؛ كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر)).

3 - قال الشيخ ابن عثيمين وقد سئل -رحمه الله- في ((مجموعة دروس وفتاوى الحرم)) (1/ 152): هل نستطيع أن نثبت صفة الملل والهرولة لله تعالى؟ فأجاب: ((جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا)).

فمن العلماء من قال: إنَّ هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن؛ ملل الله ليس كملل المخلوق؛ إذ إنَّ ملل المخلوق نقص؛ لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله؛ فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالاً.

ومن العلماء من يقول: إنَّ قوله: ((لا يَمَلُّ حتى تملوا))؛ يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل؛ فإنَّ الله يجازيك عليه؛ فاعمل ما بدا لك؛ فإنَّ الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل، وعلى هذا، فيكون المراد بالملل لازم الملل.

ومنهم من قال: إنَّ هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقاً؛ لأنَّ قول القائل: لا أقوم حتى تقوم؛ لا يستلزم قيام الثاني، وهذا أيضاً: ((لا يمل حتى تملوا))؛ لا يستلزم ثبوت الملل لله عَزَّ وجَلَّ.

وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أنَّ الله تعالى مُنَزَّه عن كل صفة نقص من الملل وغيره، وإذا ثبت أنَّ هذا الحديث دليل على الملل؛ فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق)) اهـ.

3 - قال الشيخ صالح آل الشيخ في ((شرح الطحاوية)) هناك أفعال تضاف إلى الله جل وعلا، ولا نشتقّ منها صفة نصف بها الرب جل وعلا، فباب الأفعال أضيق من باب الصفات، () فليس كل فعل أطلق أو أضيف إلى الله جل وعلا من فعله سبحانه نشتق منه صفة من الصفات، كذلك ليس كل ما جاز أن يُخبَر به عن الله جل وعلا جاز أن نجعله اسما له سبحانه، أو أن نجعله صفة له سبحانه، وكذلك ليس كل صفة له جل وعلا يجوز أن نشتق منها اسم، مثل مثلا الصُّنع الله جل وعلا قال في آخر سورة النمل ?صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ? [النمل:88] فالصنع هذا صفة ?صُنْعَ اللَّهِ?، ?صُنْعَ اللَّهِ? هذا صفة لكن لا يجوز أن نشتق منها الصانع، لأنه كما ذكرنا الشروط لا بد أن تكون:

أولا: جاءت في الكتاب والسنة.

والثاني: أن يكون يدعى بها، واسم صانع لا يدعى به الرب جل وعلا، لا نقول يا صانع اصنع لي كذا؛ لأنه لا يتوسل إلى الله به.

والثالث: أنه ليس مشتملا على مدح كامل مطلق غير مختص.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير