تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء عند ابن خزيمة في صحيحه (1887) والبيهقي في شعب الإيمان (3955) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي رضي الله عنه مرفوعاً. وفي إسناد هذا الأثر علي بن زيد بن جدعان والأكثر على تضعيفه، وممن ضعفه الإمام أحمد، ويحيى بن معين، والثوري، وقال الفلاس: كان يحيى القطان يتقي حديثه عن علي بن زيد. وقال البخاري وأبو حاتم: لا يحتج به. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه وقال الدارقطني مازال عندي فيه لين. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 2/ 127، بل وحكى الحافظ ابن حجر في الإصابة الاتفاق على سوء حفظه انظر: الإصابة 4/ 432، وقد ضعف هذا الحديث بعلة الانقطاع شيخنا المحدث سليمان بن ناصر العلوان, وكذلك الشيخ المحدث عبدا لله بن عبد الرحمن السعد.

فأما الصنف الأول: وهم من له حقٌ علينا، ممن يتقوون بفطرهم على العبادة والقيام في هذا الشهر الكريم، فهؤلاء الصنف من الوافدة لا يقال: فيهم مثل ما قلنا في الصنف الثاني - وسيأتي فيما نستقبل الكلام على هذا الصنف -، بل يطعمون من غير سرفٍ ولا مخيلة، ويُفَطَّرون، ويرجى لمن بذل في إطعامهم الأجر الوفير، كما تعالى:] ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا [الأنسان / 8]، ولعموم ما جاء في الصحيحين من حديث عُمَارَةُ بن القعقاع حدثنا أبو زرعة حدثنا أَبُو هريرة رضي الله عنه قال جاء رجلٌ إلى النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقال: يا رسول الله أَيُّ الصدقةِ أعظم أَجْرًا قال: أَنْ تصدق وأنت صحيح شَحِيحٌ تخشى الفقرَ وَتَأْمُلُ الغنى ولا تُمْهِلُ حتى إذا بلغت الْحُلْقُومَ قُلتَ لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان ".

وقد كان رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان هو بأبي وأمي أجود بالخير من الريح المرسلة، وقد سار على ذلك أصحابه رضوان الله عليهم، وهكذا كان سلفنا الصالح، يطعمون الطعام، ويبذلون الوسع في التوسعة على إخوانهم، وكانوا يحرصون أشد الحرص على أن لا يأكل طعامهم إلا الصالحين والأتقياء، عملاً بما رواه أحمد3/ 38،وأبو داود2/ 675، والترمذي4/ 143 وغيرهم بسند جيد من طريق الوليد بن قيس عن أبي سعيد أو عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أَنَّهُ سمع رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم:لا تُصَاحِبْ إلا مؤمناً ولا يَأْكُلْ طعامك إلا تَقِي ".ٌّ قَالَ أَبُو عِيسَى هذا: حديث حسن، وصححه ابن حبان2/ 413، والحاكم4/ 143 , وقال شيخنا سنده حسن.

وأما الصنف الثاني: وهم الذين يتقوون بفطرهم على المعاصي والآثام، وقد يتعدى ذلك إلى غيرهم، فيكون الأمر أعظم وأدهى، حيث أن فيهم من هو من أهل المجون، والضلالة، والبدع، بل وقد يوجد عند بعضهم من الخرافات، والشركيات ما الله به عليم، وهؤلاء ليسوا ممن يرجى في تفطيرهم الأجر والمثوبة، بل يدعون إلى كل ما من سبيله أن يقومهم، ويسعى في أمرهم، بحيث يعقد لهم المحاضرات والدروس التي تقوم ما عندهم من زلل وخطأ، فإذا ما تهذبوا وصلحوا وعم نفعهم ورجي فيهم الخير كانوا في عداد الصنف الأول، وأما والحالة هذه فإن في تفطيرهم إعانة لهم على المعاصي قال تعالى:] وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [[المائدة / 2].

والأولى لمن عرف هذا الصنف منهم، وستبصر حال القوم وما هم عليه من مخالفات، أن يتفطن لأمرٍ غرق الناس في بحره الُلجي، واجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم، صرفاً، وإنفاقا، ً وبذلاً، وإعطاءً، وقد ضيعوا بذلك أموالهم، ولو صرفوها في دعوتهم لكان أولى وأحسن بأضعافٍ مضاعفه، ثم إن اللبيب الحاذق الذي يزن الأمور بميزان الشرع، يعلم أن تفطير هذا الصنف منهم غير محمودٍ، وأن ثمت أُناسٍ أحوج منهم، والأجر فيهم أعظم وأجل، ولو عُني كل فردٍ منا بالتفتيش، والتنقيب عن أرحامه، وأقاربه، وعشيرته الأقربين، من فقيرٍ، أو مسكينٍ، أو يتيمٍ لوجد ما يبكي، ويجعل الحليم حيرانا، فأين نحن من ذوي الأرحام، والأقارب والأسر المتعففه ونحوهم ممن لهم حقٌ علينا!؟، لا سيما وقد جاء في فضل برهم والأنفاق عليهم نصوصٌ كثيرة، فهذا أبو طلحة رضي الله عنه لما قدم على النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم، وكان من أكثر الأنصار مالاً بالمدينة، وكان من أحب أمواله إليه بيرحاء فاستشار النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أين يضعها فقال: له النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم: " بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين " فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه ". متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه، وفي رواية: للبخاري (1461)، قال النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لأبي طلحة " اجعله لفقراء أقاربك " فجعلها لحسان، وأبي بن كعب. وقد بوب البخاري في صحيحيه فقال: قال النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم (له أجران: أجر القرابة والصدقة) , فتح" الباري" 3/ 325.

وهذا ما يعرف بفقه الموازنات بين القربات وقد أغفل في زماننا هذا، وقل من يفقه فيه، بل ليس ببعيد أن يقال لا يفطن له إلا خاصة الخاصة، من أهل العلم والفضل، ومن أوتيه فقد أوتي خيراً كثيرا، قال تعالى:] ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم [[الجمعه / 4]، وختاماً لهذه الرسالة والتي نسأل الله جل وعلا أن تعم بها الفائدة، وأن يوفق أهل الخير لبذل أموالهم بما يعود عليهم بالنفع والخيرية في الدارين، وصرفها في محلها الفاضل لا المفضول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير