(ومن المعلوم أن هذا باطل في الأصل المقيس عليه وفي الفرع أما في الأصل فلأن أسماء الله الحسنى ليست مترادفة بحيث يكون معنى كل اسم هو معنى الاسم الآخر ولا هي أيضا متباينة التباين في المسمى وفي صفته بل هي من جهة دلالتها على المسمى كالمترادفة ومن جهة دلالتها على صفاته كالمتباينة وهذا القسم كثير ومنه أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء القرآن وغير ذلك وبعض الناس يجعل هذا قسما من المترادف وبعضهم يجعله من المتباين قسما ثالثا قد يسميه المتكافئ والمقصود فهم المعنى فإذا قيل الرحمن الرحيم وقيل العليم القدير وقيل السميع البصير الجواب فالأول يدل على المسمى بصفة الرحمة والثاني يدل عليه بصفة العلم والثالث بصفة القدرة والرابع بصفة السمع والخامس بصفة البصر وهذه الصفات ليس أحدها هو الآخر وهذا مما لا ينازع فيه هؤلاء ولا غيرهم فصفات كل اسم يدل من صفات الرب على ما لم يدل عليه الآخر مع اتفاقها في الدلالة على المسمى نعم وقد يدل الاسم على معنى الآخر بطريق اللزوم فإنه يدل على الذات والذات تستلزم جميع الصفات لكن دلالة اللزوم ليست هي دلالة الاسم اللغوية واللزوم أيضا يحتاج إلى أن تعرف تلك الصفات من غير الاسم هو الدال عليها وإذا كان كذلك فتعدد أسماء الله تعالى لم يقتض تعدد المسمى ولكن اقتضى تعدد صفاته التي دلت عليها تلك الأسماء وهؤلاء ينازعون في تعدد الصفات في الجملة ومحققوهم لا يقولون إنها محصورة بعدد بل يقولون هذا الذي علمناه وقد يكون له من الصفات ما لا نعلمه وإذا كانت معاني الأسماء متعددة وإن كان المسمى واحدا لم يكن هذا نظيرا لما ادعاه من تكثير العبارات مع اتحاد المعنى المعبر عنه وأما اختلاف الأسماء بالعربية وغيرها من الألسن فهذا على وجهين تارة تكون تلك الأسماء العجمية تدل على صفات ليست هي الصفة التي تدل عليها الاسم العربي فيكون بمنزلة الأسماء الحسنى بالعربية وتارة يكون معناها معنى الاسم العربي فيكون هذا كالأسماء المترادفة ولولا تنوع معاني الأسماء لم يكن لبعضها على بعض مزية) الفتاوى الكبرى 5/ 253
*وتوضيحا للكلام يقال:ان اللفظ دوره إدراك الملزم ولا يكون هذا إلا لغويا بدلالة المطابقة أو التضمن وينتهى ثم يأتي دور الذهن الذي يصل الى الملزوم مستعينا بوسيط ذهني مثل القياس الذي يبدأ بإثبات العلة في الأصل لغويا ثم ينتهي بالعملية العقلية في ربط الفرع بالأصل.
وهنا ملاحظة كان ينبغي تبيينها من البداية ولو انني اشرت اليها في العنوان وهي:
أن الإشكال لا يوردوه على دلالة الصفة على الفعل او الإسم على الصفة او الذات على الأفعال و الصفات وكذلك العكس لأن دلالاتها مطابقتا او تضمنا وهذا كثير في القرآن والسنة وكلام السلف ولم ينازعوا فيه-اقصد الذين يطرحون هذا المشكل.
وانما الإشكال يوردوه على القول بتلازم معاني الصفات عقلا دون دليل لغوي الذي يعنون به التطبيق والتضمن , فيجب ان يكون واضحا هذا الأمر.
ثم قلت أيدك الله لتوضيح الحق:
ولايعني هذا أن دلالة الالتزام لا مدخل للعقل فيها بل الأمر مركب من الإثنين؛
الذهن والوضع، فإذا عرفت الأصل اللغوي وتقرر معناه المطابق، عرفت بالذهن
لازمه كدلالة الأربعة على الزوجية والثلاثة على الفردية، تفرع عنه معرفة
اللازم والملزوم بالعقل لذلك الأصل الوضعي، فاللازم العقلي هو في حقيقته
استدلال نظري بالملزوم على اللازم الذي عرف بالوضع أنه لازم، وما العقل إلاّ
آلة استدلال تربط الملزوم باللازم, فإذا كان الإلزام العقلي بما يوافق الأصل اللغوي سلم، وإن لم يكن كذلك لم يسلم وطلب برهانه ...........
*يقال: ألا يأيد هذا الكلام ما طرح سابقا بأن المسألة تؤول الى حكم عقلي قياسي او استقرائي ......
ثم قلتم بورك فيكم في معرض تسديدنا:
وهنا ينبغي التنبيه على أنه ليس من شرط دلالة الإلتزام أن تكون ذهنية عقلية
فقط، بل قد تكون دلالة الالتزام دلالة لزوم عرفي أي أن العقل لايحكم إلاّ بعد
ملاحظة تكرار المشاهدة والتجربة التي دل العرف على والتكرار على لزومها.
وهذا كثير في القرآن والسنة وكل باب الكناية قائم عليه.
ليس بالضرورة أن تكون هي إياها، فلازم المخلوق لازم مقيد بالمخلوق يليق به
يضاف إليه، ككون يد بعض الخلائق جارحة تجترح بها وتكتسب، وليس هذا لازم الوضع .....................................
* هنا استفسار أيدك الله: هل هذه الدلالات اللزومية- عرفية .. - تكون في حق الخالق كذلك, أي لوازم صفاته لبعضها.
ولم افهم لفظة " ليس بالضرورة" فهل تعني بها جوازه او امتناعه بإطلاق
لأني كنت اضن ان اللازم الذهني للمخلوق قد يلزم الخالق مثل دلالة الأثر على المؤثر
ولهذا عقبت بلفظة بإطلاق ارجو التوضيح بارك الله فيك
وهنا اشكالات للمعارض ارجو التعقيب عليها
1 - دلالة اللزوم للصفات عن بعضها مضنة الزلل لأن المدارك العقلية تتفاوت وقد ضل الكثير باللزومات العقلية
2 - لا يوجد دليل على تلازم الصفات ويردون استعمالات السلف له الى التطبيق والتضمين ويقولون هذا حدث
3 - يقولون ان الله عز وجل يعقب على صفاته في آخر الأيات فيقول عزيز حكيم ..... الخ
لأن مدارك الناس لا تفهم تلازم الصفات.
وأخيرا لدي استفسار: هل ابن حزم يقول بعدم تلازم الصفات واين أجد ذلك
شكرا لكم على صبركم علينا وقد احببتكم لأنكم احسنتم إلينا وأراني قد اثقلت عليكم.
وهنا نكتة هل ابتسامة الملتقى تعوض ابتسامة اللقاء.
وأرجو من الجميع الدعاء بالمغفرة وإصلاح الباطن.
أخوكم أ. محمد فوزي