افتضاضها
وقد تكون للحامل ابنة محجوبة في مشيمتها ورحمها ودمها، وربما كانت في مقادير الأموال بيت مال السلطان، وبدرة للعمال، وألف دينار لأهل اليسار، ومائة دينار للتجار، وعشرة للمتوسط، ودرهماص للفقير، وخروبة للمساكين أو رغيف خبز أو مدّاً من الطعام أو رمانة كما رآها لأنها عقدة من العقد تحل في الاعتبار
والنظر والقياس في الأمثال المضروبة للناس على الأقدار والأجناس. ([14])
وقال: فلذلك يحتاج العابر إلى أن يكون كما وصوفا أديباً ذكياً فطناً نقياً تقياً عارفاً بحالات الناس وشمائلهم وأقدارهم وهيئاتهم، يراعي ما تتبدل مرائيه.
وتتغير فيه عبارته عند الشتاء إذا ارتحل، ومع الصيف إذا دخل عارفاً بالأزمنة وأمطارها ونفعها ومضارها، وبأوقات ركوب البحار وأوقات ارتجاجها، وعادة البلدان وأهلها وخواصها، وما يناسب كل بلدة منها، وما يجيء من ناحيتها كقول القتبي في الجاورس: ربما دل على قدوم غائب من اليمين لأن شطر اسمه جا والورس لا يكون إلا من اليمن عارفاً بتفصيل المنامات الخاصية من العامية فيما يراه الإنسان من المرئيات التي تجتمع العالم والخلق في نفعها، كالسماء والشمس والقمر والكواكب والمطر والريح والجوامع والرحاب، فما رآه في منامه في هذه الأشياء خالياً فيه مستبداً به، أو رآه في بيته فهو له في خاصيته. ([15])
وقال: وكل ما له في الرؤيا وجهان: وجه يدل على الخير ووجه يدل على الشر، أعطى لرائيه من الصالحين أحسن وجهيه، وأعطى لرائيه من الصالحين أقبحهما. ([16])
وقد ذكر الشهاب العابر، بن سرور المقدسي، هذه القاعدة في كتابه "البدر المنير في علم التعبير"
بتفصيل واسع فقال:
«واعتبر أحوال الرائي إن تساوت الرؤيا» ([17])
وقال: «المنام الواحد يختلف باختلاف لغتين. كالسفرجل: عز وجمال وراحة، لمن يعرف بلغة الفرس. لأنه بلغتهم: بَهِيَ. وهو للعرب ولمن يعاشرهم دال على: السفر، والجلاء.
ويختلف باختلاف الأديان. كمن يرى أنه يأكل الميتة، الميتة: مال حرام، أو نكد عند من يعتقد تحريمها، وهي رزق وفائدة عند من يعتقد حلها.
ويختلف باختلاف الزمان. فإن الاصطلاء بالنار والتدفي بالشمس، وملابس الشتاء، واستعمال الماء الحار، ونحوه لمن مرضه بالبرودة، أو في الزمن البارد: خير وراحة. وهو في الصيف: أمراض، أو نكد. كما أن استعمال الرفيع من القماش، أو الماء البارد، ونحوه، في الصيف: راحة وفائدة. وفي الشتاء: عكسه.
ويختلف باختلاف الصنائع. فإن لُبَس السلاح، أو العُدَد، للجندي البطال: خدمة. وللمقاتل: نصر. وللرجل العابد: بطلان عبادة. ولغيرهم: فتنة، وخصومة.
ويختلف باختلاف الأماكن. فإن التعري في الحمام، وفي المكان المعتاد فيه: جيد. للعادة. وهو في غيره من مجامع الناس: رديء، وشهرة دونه. خصوصاً إن كان مكشوف العورة.
ويختلف باختلاف عادات الناس. فإن حلق اللحية، أو الرأس، عند من يستحسن ذلك: خير، وذهاب نكد. كما أن ذلك: نكد، وخسران، عند من يكرهه.
ويختلف باختلاف المعايش، والأرزاق، فإن لبس القماش الوسخ، أو المرقع، أو العتيق، للطباخين، والوقادين، وأمثالهم: دال على إدرار معايشهم؛ لأنهم لا يلبسون ذلك إلا وقت معايشهم. وهو رديء في حق من سواهم. كما أن لبس النظيف: يدل على بطلان معيشتهم. لكونهم لا يلبسونه إلا أوقات بطالتهم،وهو، والرائحة الطيبة، لغيرهم: رفعة، وخير. وطيب قلب، وثناء جميل، في حق من سواهم.
ويختلف باختلاف الأمراض. فإن الحلاوات لأرباب الأمراض الحارة: طول مرض، ونكد. وهو: جيد لأصحاب البرودات. كما أن الحامض، لهم: جيد. ونكد لأصحاب البرودات.
ويختلف بالموت والحياة. فإن لبس الحرير، أو الذهب: مكروه، لمن لا يليق به من الرجال. وهو على الميت: دليل على أنه في حرير الجنة.
ويختلف باختلاف الفصول؛ فإن الشجرة في إقبال الزمان: خير، وفائدة مقبلة. وكذلك ظلها في زمن الحر. ويدل على النكد في غير ذلك.
¥