وقال عثمان بن سعيد الدرامي: (قد صح عندي حديث أفطر الحاجم والمحجوم؛ لحديث ثوبان وشداد بن أوس، وأقول به، وسمعت أحمد بن حنبل يقول به، ويذكر أنه صح عنده حديث ثوبان) انظر "السنن الكبرى" للبيهقى (4/ 444 باب: في ذكر بعض ما بلغنا عن حفاظ الحديث في تصحيح هذا الحديث)، وقد ذكر البيهقي رحمه الله في هذا الباب أسماء من صحح حديث أفظر الحاجم والمحجوم، فاظفر به فإنه مهم.
وجاء الحديث من مسانيد عدة، فراجع طرقها في الإرواء (4/ 65 رقم 931) للعلامة ناصر الدين الألباني رحمه الله. وإن كان الشيخ رحمه اله لم يقل به، بل رآه منسوخا بحديث أبي سعيد الخدري الآتي ذكره، والذي صححه رحمه الله مرفوعا، وهو عندنا في هذا المبحث موقوفا على أبي سعيد، رحم الله العلامة الألباني، ونفعنا بعلمه آمين.
- وعن أبي العالية قال: دخلت على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة عند المغرب، فوجدته يأكل تمراً قال: احتجمت، قال: ألا احتجمت نهاراً؟ قال: تأمرني أن أهريق دمي وأنا صائم)) أخرجه النسائي في "الكبرى" (2/ 233 رقم 3214) وابن أبي شيبة، وإسناده صحيح إلى أبي موسى، ولا يصح مرفوعاً كما حقق ذلك الحفاظ، والبحث لا يتسع لذكر جمّ كلامهم.
- وعن سالم ((أن ابن عمر كان يحتجم وهو صائم، ثم تركه بعد، وكان إذا غابت الشمس احتجم)) أخرجه عبد الرزاق (4/ 211) بإسناد صحيح.
- وجاء عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: ((كان يحتجم وهو صائم، قال: فبلغه حديث أوس؛ فكان إذا كان صائماً احتجم بالليل))، صحيح أخرجه أحمد كما في "مسائل عبد الله" (ص 182 رقم 683 ط. المكتب الإسلامي).
- وأخرج ابن أبي شيبة (2/ 308)، من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب به؛ ولفظه: ((كان يحتجم وهو صائم ثم تركها بعد، فكان يحتجم ليلاً))، وإسناده صحيح
- وأخرج عبد الرزاق (4/ 211)، عن معمر عن أيوب به، ولفظه ((كان يحتجم وهو صائم ثم تركه، فكان يصنع المحاجم، فإذا غربت الشمس أمر أن يشرط، قال: فلا أدري أكرهه أم شيء بلغه))، وإسناد صحيح.
- وأخرج مالك في "الموطأ" (1/ 298) عن نافعِ به، ولفظه: ((أنه كان يحتجم وهو صائم، قال: ثم ترك ذلك بعد، فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر)) وإسناده صحيح.
- وعن عبد الله بن أيوب المخزومي قال: ((سمعت روحاً يقول لأبي عبد الله: أدركت الناس بالبصرة منذ خمسين سنة، إذا دخل شهر رمضان أغلق الحجامون دكاكينهم)) ذكره المروزي عن أحمد كما قال شيخ الإسلام في كتابه العظيم "شرح العمدة" (1/ 434)، وإسناده إن شاء الله حسن؛ لأن المخزومي صدوق، وبقية رجاله ثقات.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ((إنّ الصحابة رضوان الله عليهم عَلِموا أن النهي آخر الأمرين، كما تقدم عن ابن عمر وغيره، ولهذا رجعوا عن القول بالاحتجام إلى تركه، وأبو موسى وابن عباس كانا يكرهان الحجامة للصائم، وهما ممن رويا حجامة النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، بل عليهما مدار الحدث)) شرح العمدة كتاب الصيام (1/ 443).
قال أبو داود: سألت أحمد عمن احتجم في رمضان؟
قال: ((يقضي يوما مكانه)) مسائل الإمام أحمد" برواية أبي داود (ص130 رقم624)، انظر "مسائل الإمام أحمد" برواية عبد الله (ص 181 رقم677)
وقال أبو داود: سمعت أحمد ناظره رجل في الحجامة للصائم، فقال الرجل لأحمد: ثابتٌ عن أنس: كره الحجامة للصائم مخافة الضعف كما في البخاري قال: أحمد رُوي عن أنس: أنهّ احتجم في السراج، وابن عمر احتجم بالليل وأبو موسى يعني- الأشعري- احتج بهذا في ترك الحجامة، ولم يحتج فيه بشيء يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم"مسائل أحمد" برواية أبي داود (ص 130 رقم 626).
وقال بالفطر: إسحاق بن رهويه، وابن المنذر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وهو قول عطاء، وعبد الرحمن بن مهدي، وكان الحسن ومسروق وابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم ... )) "المغني" (4/ 350).
قال شيخ الإسلام؛ مبيناً أن قول من ذهب إلى الإفطار من الصحابة مقدم على قول من نفى الإفطار: ((وكل ما اختلف فيه الصحابة مما يشبه هذا؛ مثل: اختلافهم في انتقاض الوضوء بمس الذكر ونحوه، فإن المُثبت منهم يجب أن يكون معه علم خَفِيَ على الناس؛ لأن هذا ابتداء شريعة؛ لا يجوز أن يثبت بالقياس، بخلاف النفي؛ فإنه يكفي فيه البراءة الأصلية)) كتاب الصيام من "شرح عمدة الأحكام" (1/ 438).
رد ود على بعض الواردات
¥