1 - من قال أنهما كانا يغتابان فأفطرا لذلك السبب؛ لا أنّ الحجامة مفطرة.
قلت: وهذا الوارد لا يثبت، لأنه لا يعتمد على نص صحيح.
- عن مطرف بن سمرة عن أبيه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بين يدي حجام، فذاك في رمضان وهما يغتابان رجلاً فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ضعيف: أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (129/ 12 رقم6318 ط. السلفية) , من طريق الحسن بن الفضل بن السمع، حدثنا غياث بن كلوب الكوفي حدثنا مطرف بن سمرة بن جندب عن أبيه، قال ا لبيهقي: غياث هذا مجهول، وقال الدارقطني في "الضعفاء" (ص323) في ترجمة غياث:و له نسخة عن مطرف بن سمرة بن جندب، لا يُعرف إلا به، ويروي عنه شريك، انظر موسوعة أقوال الدراقطني في رجال الحديث وعلله (2/ 513رقم2736 - 2/ 653رقم3512)، وقال الذهبي في الميزان في ترجمة غياث (3/ 336): (ضعفه الدراقطني).
-عن عبد الله بن عباس: أن رجلين صليا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر، وكانا صائمين، فلما قَضى رسول الله ? الصلاة قال: ((أعيدا وضوءكما (أو قال: صلاتكما) وأمضيا في صومكما، وأعيدا يوماً مكانه)) قالا: لم يا نبي الله؟ قال: ((قد اغتبتما فلاناً)) ضعيف: أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (12/ 117 رقم 6302 ط. السلفية)،والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص 103 رقم 210) من طريق المثنى بن بكر، حدثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس، وسنده ضعيف جداً؛ فيه المثنى بن بكر، قال الدارقطني: متروك، وقال البزار: عباد لم يسمع من عكرمة، انظر "اللسان" (رقم6920) "والضعفاء" للعقيلي (رقم 1847) و"تحفة التحصيل" (ص227 رقم439)، وقال عنه العلامة الألباني في "الضعيفة" (2/ 234): ((وما أراه يصح))، وصدق رحمه الله، فإن علم الحديث كان يسري في أنفاسه.
وأخرج البيهقي في "الكبرى" (4/ 447 رقم 8303)، من طريق يزيد بن ربيعة، ثنا أبو الأشعث عن ثوبان قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يحتجم عند الحجام، وهو يقرض رجلاً، فقال رسول الله: ((أفطر ا لحاجم والمحجوم)).
قلت: قوله ((وهو يقرض رجلاً))، باطلة من حديث ثوبان، قال البيهقي: قوله ((وهو يقرض رجلاً)) لم أكتبه إلا في هذا الحديث، وغيرُ يزيد رواه عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس دون هذه اللفظة، وأبو أسماء الراجي رواه عن ثوبان دون هذه اللفظة، والله أعلم، قال الإمام علي بن المديني: حديث باطل، انظر "الفتح" (4/ 227 كتاب الصيام، باب: الحجامة والقئ للصائم).
قلت: يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي، قال البخاري: أحاديثه مناكير، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال النسائي: متروك، انظر "اللسان" (برقم9356).
وورد من حديث ابن مسعود أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (4/ 184)، وقال: باطل لا أصل له.
2 - أما دعوى النسخ فلا تصح لوجوه كما قال ابن تيمية في "شرح العمدة" كتاب الصيام، وابن القيم راجع "جامع الفقه" لابن القيم كتاب الصيام.
أحدهما: أن الذي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: احتجم وهو محرم صائم ولم يبين أن هذا الإحرام كان في حجة الوداع، فيجوز أن يكون في إحرامه بعمرة الحديبية، أو إحرامه بعمرة القضية، وكلاهما قبل الفتح، فيكون احتجامه وهو صائم منسوخاً بقوله بعد ذلك ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لا العكس.
الثاني: أن حديث ((احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم)) لا يخالف قوله ((أفطر الحاجم والمحجوم))؛لأن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، وفي لفظ البخاري ((من وجع كان به)) والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن محرماً في رمضان قط؛ لأن إحرامه بعُمَرِه الثلاثة، وبحجة الوداع في ذي القعدة، فيكون هذا الصوم تطوعاً، ثم كان مريضاً، والمريض يجوز له الفطر، ثم كان مسافراً، لأنه لم يكن محرماً مقيماً قط، فإذا كان الفطر جائزاً في هذه الوجوه الثلاثة، فيكون قد احتجم، وإن أفطر بالحجامة، فإنه ليس في الحديث لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنه بقي على صومه، بل قد أفطر في رمضان لما أصاب أصحابه الجهد، فلأن يُفطر في مرض أصابه بطريق أولى.
¥