تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن عثيمين: ولا يصح حمله على أن المراد به المسافة التي يبتدئ فيها القصر لا غاية القصر لأن أنس بن مالك أجاب به من سأله عن خروجه من البصرة إلى الكوفة أيقصر الصلاة؟ وأيضاً فقد نقل في الفتح عن ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن المريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت قريته يعني وإن لم يتجاوز ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ .. مجموع الفتاوى 15 - 317.

قال ابن حزم: وقد اتفق الفريقان على أنه إذا فارق بيوت القرية وهو يريد إما ثلاثة أيام وإما أربعة برد أنه يقصر الصلاة فنسألهم: أهو في سفر تقصر فيه الصلاة أم ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد , لكنه يريد سفراً تقصر فيه الصلاة بعد , ولا يدري أيبلغه أم لا , ولا بد من أحد الأمرين.

فإن قالوا: ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد ولكنه يريده ولا يدري أيبلغه أم لا , أقرّوا بأنهم أباحوا له القصر وهو في غير سفر تقصر فيه الصلاة من أجل نيته في إرادته سفراً تقصر فيه الصلاة ولزمهم أن يبيحوا له القصر في منزله وخارج منزله بين بيوت قريته من أجل نيته في إرادته سفراً تقصر فيه الصلاة ولا فرق.

وقد قال بهذا القول: عطاء , وأنس بن مالك , وغيرهما , إلا أن هؤلاء يقرون أنه ليس في سفر ثم يأمرونه بالقصر وهذا لا يحل أصلاً.

وإن قالوا: بل هو في سفر تقصر فيه الصلاة هدموا كل ما بنوا وأبطلوا أصلهم ومذهبهم وأقروا بأن قليل السفر وكثيره: تقصر فيه الصلاة لأنه قد ينصرف قبل أن يبلغ المقدار الذي فيه القصر عندهم.

أما نحن: فإن مسيرة ما دون الميل من آخر بيوت قريته له حكم الحضر فلا يقصر فيه ولا يفطر فإذا بلغ الميل فحينئذ صار في سفر تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه فمن حينئذ يقصر ويفطر.

قالوا: من العجب عدم سؤال الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حد السفر.

قال ابن حزم: هذا أعظم برهان وأجل دليل وأوضح حجة لكل من له أدنى فهم وتمييز على أنه لا حد لذلك أصلاً إلا ما سُمّي سفراً في لغة العرب التي بها خاطبهم عليه السلام , إذ لو كان لمقدار السفر حد غير ما ذكرنا لما أغفل عليه السلام بيانه البته , ولا أغفلوا هم سؤاله عليه السلام عنه , ولا اتفقوا على ترك نقل تحديده في ذلك إلينا فارتفع الإشكال جملة ولله الحمد.

مسألة: من يخرج ويرجع في يومه.

قال شيخ الإسلام: (ولكن لابد أن يكون ذلك مما يعد في العرف سفرًا، مثل أن يتزود له، ويبرز للصحراء، فأما إذا كان في مثل دمشق، وهو ينتقل من قراها الشجرية من قرية إلى قرية، كما ينتقل من الصالحية إلى دمشق، فهذا ليس بمسافر، كان أن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بمنزلة القرى المتقاربة عند كل قوم نخيلهم ومقابرهم ومساجدهم، قباء وغير قباء، ولم يكن خروج الخارج إلى قباء سفرًا، ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقصرون في مثل ذلك، فإن الله تعالى قال: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} [التوبة: 101]، فجميع الأبنية تدخل في مسمى المدينة، وما خرج عن أهلها، فهو من الأعراب أهل العمود. والمنتقل من المدينة من ناحية إلى ناحية، ليس بمسافر، ولا يقصر الصلاة)

وقال: (بخلاف من يذهب ويرجع من يومه، فإنه لا يكون في ذلك مسافرًا. فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد بخلاف الثاني. فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرًا، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرًا.

فالسفر يكون بالعمل الذي سمي سفرًا لأجله. والعمل لا يكون إلا في زمان. فإذا طال العمل وزمانه فاحتاج إلى ما يحتاج إليه المسافر من الزاد والمزاد، سمي مسافرًا، وإن لم تكن المسافة بعيدة، وإذا قصر العمل والزمان بحيث لا يحتاج إلى زاد ومزاد، لم يسم سفرًا، وإن بعدت المسافة. ... )

قال ابن عثيمين في مجموع الفتاوى 15 - 255 (وأما من يخرج يوما ويرجع من يومه أو في أول الليل ويرجع في آخره فلا يترخص).

وقال ص 263: (ليس هذا من السفر لأن الذي يخرجون لهذه المنتزهات لا يعدون أنفسهم مسافرين)

قال ابن جبرين: (السفر: هو ما لا يقطع إلا بكلفة وبمدة طويلة وبمشقة، وعلى هذا فإن الإنسان في هذه الأزمنة لا يقصر في كل سفر؛ فمثلا لو ذهب إلى القصيم ورجع في يومه فلا يسمى مسافرا، أو إلى الأحساء ورجع في يومه فلا يسمى مسافرا. أما لو ذهب إلى أرماح وهي قربية، ولكن ما رجع إلا بعد يوم ونصف أو بعد يومين، فإنه يسمى مسافرا، وكذلك لو ذهب إلى نزهة -مثلا- أربعين كيلو، أو ثمانين كيلو، وبقى يومين أو ثلاثة أيام سميناه مسافرا. فالمسافر يجوز له الجمع، ويفعل أيضا الأرفق به.) ا. هـ مفرّغا.

وقاله سفيان الثوري وأبو حنيفة وغيرهم أنه لا يقصر إلا إذا حمل الزاد والمزاد وغير ذلك. ذكره ابن عبد البر.

قال ابن سعدي: ومن قواعد الشريعة (المشقة تجلب التيسير) ولما كان السفر قطعة من العذاب يمنع العبد نومه وراحته وقراره رتب الشارع عليه ما رتب من الرخص حتى ولو فُرض خلوّه عن المشقات لأن الأحكام تعلق بعللها العامة وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد , فالحكم الفرد يلحق بالأعم ولا يفرد بالحكم وهذا معنى قول الفقهاء (النادر لا حكم له) .. إرشاد أولي البصائر ص 113.

.

.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير