ولا أخالفكم في أن هؤلاء كسائر الكفار مذادين عن الحوض، ولكن هل هم من عناهم صلى الله عليه وسلم في قوله: أصحابي أصحابي؟ وهل هم الذين قيل فيهم: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك؟
الظاهر أنهم غيرهم، فإن قلت للرافضي في المذادين هم الذين ارتدوا فلا يسعه الاعتراض.
وإن قلت له هم المنافقين فسيقول لك:
هؤلاء إحداثهم قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وليس بعده كما جاء في النص، فإنهم وإن شملهم اسم الصحبة اللغوي، لاتشملهم إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بأنهم ليسوا أصحاباً له شرعاً، بل لعلم بعض الصحابة بذلك كحذيفة رضي الله عنه، فيبعد أن يأتي أبي بن أبي سلول مثلاً أو أحدهم يوم القيامة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم أصحابي أصحابي، وكان قد أخبر حذيفة بأنه منافق.
أما أهل البدع فكذلك هم من جملة المحدثين المبدلين والصحيح أنهم مذادين، ولكن هذا موضوع آخر أنبه عليه في التعقيب على كلام الأخ الكريم أحمد المحيل صاحب الفائدة الجميلة، فإن لفظ الإحداث والتبديل يدخل فيه أصحاب البدع المحدثة كما ذكر الإمام الشاطبي، ويصح أن يدخل فيه أهل الكفر لغة وشرعاً، كما قال صلى الله عليه وسلم (من بدل دينه فاقتلوه)، وأخبرنا بأن أهل الكتاب بدلوا فكان التبديل سبب كفرهم، وفي قول الله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) إلى قوله: (وما بدلوا تبديلاً) قال ابن زيد لم يغيروا دينهم، قلت: والمعنى أعم ولكن المراد تناول لفظ التبديل للكفر. ومثله ما قيل في قوله تعالى: (الذين بدلوا نعمة الله كفرا).بل لعل دخلوهم فيه هنا محل اتفاق فلا يقول أحد بأن الكافر لايذاد عن الحوض والمبتدع يذاد.
فلا أخالف في أن أهل البدع يدخلون في هذا اللفظ، ويذادون عن الحوض، ولكن كما قيل للأخ الكريم شاكر: هل وجد هؤلاء في الصحابة رضوان الله تعالى عليهم؟ (سواءاً أكان اسم الصحبة شرعي أو لغوي) إن قيل نعم ذو الخويصرة منهم. يقال: فلم يعرف اختلاف في غيره، وقد علمه صلى الله عليه وسلم فبطل الاحتجاج به. لأنه إذا علمه فلن يقول يوم لذاد أصحابي أصحابي، ولن يقال له لا تدري ما أحدثوا بعدك وهو الذي قال يخرج من ضئضئ هذا ... وأهل العلم على أن البدع المحدثة لم تكن في الصحابة رضوان الله عليهم، فبطل وجود هذا الصنف في الذين يقول عنهم صلى الله عليه وسلم أصحابي أصحابي.
فالموضوع -إوختي الكرام- هل من ثبت له اسم الصحبة داخل في هذا الأثر؟ وإذا كان لا فمن المعني بالأصحاب؟
وليس موضوع الأخ السائل بيان من يذاد عن الحوض، وصفاتهم فهذا شأن أعم والحديث في شأن خاص وفقكم الله تعالى.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[27 - 09 - 05, 04:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن خلاصة ما ذكرته مسطور في آخر كلامك (فالموضوع هل من ثبت له اسم الصحبة داخل في الأثر ... ).
إذا عنيت من استقر لهم اسم الصحبة ولم يبدلوا ولم يغيروا على ما قرره اهل السنة فلا شك أن الحديث لا يشملهم لثبوت الصبحة لهم وعدم تبديلهم وتغيرهم والحديث يتكلم عمن نسب للصحبة ووصف بها لكنه لم يصنها فغير وبدل.
وإذا عنيت من أطلق عليه اسم الصحبة كما سبق وقرر لغة أو شرعا.
فإن هذا الخلاف بيننا نسبي في الدنيا لكنه في الخطاب النبوي والخبر المتقدم دلالته شرعية متضمنة للمعنى اللغوي وعليه فلا يمكن أن يأتي بلفظ (أصحابي) ويكون له معنى غير الذي يعرفه الناس عنه وخاصة إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال في الحديث (إني مشتاق لإخواني .. فقال بل أنتم أصحابي .. ).
فكل من أطلق عليه عموم هذا اللفظ فبدل ونكص كمن سبق وذكرت وممن لم نعرفهم ولم ينقل خبرهم من الأعاريب ومن وافقهم من أهل النفاق كان في زمن النبوة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يطلق عليهم صحابي ويظهر هذا بقوله صلى الله عليه وسلم (حتى لا يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه) في الحادثة المشهورة.
أما القول أن الروافض لن ينازعوا فيمن قيل عنهم أهل ردة ولكن ينازعوا بأهل النفاق لآنهم كانوا على عهده صلى الله عليه وسلم.
أقول في الأولى نعم لن ينازعوا ولن ننازعهم.
ولكن في الثانية فعلى قلوبهم عمى ذلك بأن أهل النفاق مابقوا على نفاقهم الذي كانوا عليه زمن النبي صلى اللله عليه وسلم بل غيروا وبدلوا والنص دل على ذلك.
ولا بد هنا من التأكيد على ماذكره أخونا الأخ الأكرم الشيخ حارث همام أن جناب الصحابة رضوان الله عليهم ممن عد عند أهل السنة من بقائه على صحبته لا يضرهم كلامنا في هذا الموضع ولا يجوز أن يسبق الذهن والفكر إلى أن الحديث عليهم حاشاهم وكلا ولا نقول إلا كما أمرنا الله تعالى (والذين جاءوا من بعدهم يقولن ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ... ).
وأما اعتراض الرافظة على ذلك فقد سبق وقلت من أخرجوهم واستثنوهم سواء كان بدليل أو بغير دليل رجعنا عليهم بقولهم.
والحمد لله رب العالمين
أخوكم المحب شاكر العاروري
¥